خمسة أسباب تجعل استبدال نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة صعباً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•تفترض وسائل إعلام متعددة في إسرائيل وخارجها أن ينجح يتسحاق هيرتسوغ، برغم جميع الصعاب، في تشكيل ائتلاف حكومي وفي أن يحل محل رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو. وهي توهم نفسها أن انتخابات 1999، المرة الأخيرة التي هزم فيها نتنياهو، ستتكرر من جديد وأن حظوظ هيرتسوغ "تبدو" أكبر مما كانت عليه في بداية المعركة الانتخابية، أو أن حكومة وحدة وطنية مع مداورة في رئاسة الحكومة سيناريو ممكن التحقيق. 

•ليس هناك سيناريو يمكن أن يصبح فيه يتسحاق هيرتسوغ الرئيس المقبل للحكومة بغض النظر عن تصريحاته وعن تقارير الصحف.

•يذكرني كل هذا الكلام بمقابلة أجريتها عندما كنت طالب دكتوراه سنة 2011 مع ناشط في حقوق الإنسان من سريلانكا بشأن الحرب الأهلية. فقد سألته يومها عن مقال كتبه سنة 2005 قبل انهيار وقف إطلاق النار قال فيه إن لا مجال لعودة العنف. سألته على أي أساس بنى توقعاته، فأجابني: "على  التمنيات".

•أعلم أن هذا صعب، لكن يتعين على هيرتسوغ ومجموعته برغم اضطرارهم إلى الإعلان بصوت عال عن رغبتهم بالفوز، أن يحضروا أنفسهم كي يصبحوا معارضة نضالية بعد الانتخابات. كما يجب عليهم أن ينسوا فكرة أن يكونوا جزءاً من حكومة وحدة، أعلن نتنياهو في كانون الثاني/يناير الماضي رفضه لها. لقد ذهب نتنياهو إلى الانتخابات لأن الائتلاف السابق كان صعب المراس، وحكومة وحدة وطنية ستكون أسوأ منه.

•دعونا نتفحص الحقائق:

1-الجمهور الإسرائيلي لا يعبأ بفضائح الإعلام بشأن نتنياهو. وفي الواقع، فمنذ نجاح نتنياهو في صرف النظر عن علاقة غرامية له خارج الزواج خلال ترشحه سنة 1993 لـزعامة الليكود، أصبح قادراً على وصف أي زلة إعلامي بأنها محاولة لتشويه صورته، والجمهور صدقه وأبقاه في الحكم. إن مواصلة الليكود المحافظة على 23 مقعداً في استطلاعات الرأي برغم الضجة التي أثيرت بشأن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، وفضيحة سارة نتنياهو بشأن الزجاجات الفارغة التي بدأت في كانون الثاني/يناير، وتقارير النفقات الشخصية، وتقرير مراقب حسابات الدولة عن الإسكان، تثبت قدرة نتنياهو على الصمود.

2-الأمن والصدقية. لقد خسر اليسار صدقيته بسبب فشل اتفاقات أوسلو، وليس لدى هيرتسوغ ما يقدمه كي يجعل الجمهور يثق بقدرته على إحداث تغيير حقيقي يستحق التخلي عن الستاتيكو الحالي. في هذه الأثناء نجح نتنياهو في زرع بذور الخوف، وساعده في ذلك هجمات إرهابية بين حين وآخر وحروب. وفي نظر الجمهور نتنياهو هو رجل الأمن رقم واحد، ولذا نراه يواصل الحصول على أكبر نسبة تأييد بوصفه "الأكثر ملاءمة لرئاسة الحكومة" برغم تراجع شعبيته.

3-لعبة الأرقام. منذ خسارته صدقيته بسبب أوسلو، لم يحصل اليسار الحقيقي (العمل وميرتس والأحزاب العربية) على أكثر من 48 مقعداً منذ انتخابات 1999، كما لم يحصل على أكثر من 34 مقعداً منذ انتخابات 2003. ومع أنه ينبغي عليه أن يخترق هذا الحاجز في هذه الانتخابات، فإنه ما زال لا يأمل في الحصول على ما هو أكثر من 41 - 42 مقعداً، وهذا بالتأكيد غير كاف من أجل الوصول إلى أغلبية 61 مقعداً، التي هي الحد الأدنى المطلوب [للفوز بثقة الكنيست فيما يتعلق بالحكومة]. إن القائمة العربية المشتركة ترفض الانضمام إلى أي حكومة، وحتى لو فاز المعسكر الصهيوني بأكبر عدد من المقاعد، فإنه لن يستطيع تشكيل ائتلاف يساري.

4-أسطورة كتلة اليسار - الوسط. تثير هذه الأسطورة أكثر من غيرها آمالاً كاذبة بسيناريوات ما بعد الانتخابات. وهي تستند إلى الثورة التي أحدثها أريئيل شارون بواسطة حزب كاديما الذي نجح في انتخابات 2006 في إضعاف الليكود وألحق به هزيمة تاريخية. لكن عندما أدرك الجمهور أن كاديما صيغة مخففة عن الليكود، انهار كاديما وانتقل ناخبوه إلى كتلة الوسط – اليسار. من دون العرب، لا تستطيع أي كتلة وسط - يسار أن تتخطى 50 مقعداً، فكيف لها أن تبلغ 61 مقعداً. إلى جانب حزب "يوجد مستقبل" الوسطي، سيحاول المعسكر الصهيوني جذب أحزاب يمين الوسط، وهو إن فعل ذلك سيخسر ميرتس، لأن أحزاب اليمين لن تقبل الجلوس مع يساريين حقيقيين.

 

5-صمود الستاتيكو السياسي والاجتماعي – الاقتصادي. لم يسبق للجمهور الإسرائيلي أن صوت من أجل تغيير جذري إلا بعد حدوث صدمة كبيرة للستاتيكو. فقد أدت نتائج حرب الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973] ويقظة اليهود السفارديم، الى وصول الليكود إلى الحكم، كما ان الانتفاضة الأولى وموجة المهاجرين الروس أعادتا حزب العمل إلى الحكم؛ والانتفاضة الثانية أعادت الليكود. صحيح أن إسرائيل خاضت حروباً في السنوات الأخيرة، لكن الوضع الأمني اليوم أكثر احتمالاً بكثير مما كان عليه خلال سنوات الانتفاضة الثانية. صحيح أن الاقتصاد متعثر، لكن معدل البطالة منخفض وسوق الأسهم مرتفعة، ولا ينوي مالكو المساكن رفع أسعار الشقق السكنية ولا إحداث أزمة يتحدث عنها الإعلام. باختصار الوقت ليس ملائماً للتغيير.

 

 

المزيد ضمن العدد 2089