الخطر الوجودي الحقيقي الذي يتهدد إسرائيل هو احتلال المناطق الفلسطينية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•شكل خطاب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس بالأمس قمة ذر الرماد في العيون من جانب المتنافسين في المعركة الانتخابية الحالية، حيث يتجاهل الجميع الخطر الوجودي الحقيقي الذي يهدد إسرائيل وقدرتها على العيش "دولة يهودية وديمقراطية"، والمقصود بذلك استمرار احتلال المناطق. إن إصرار إسرائيل على السيطرة على ملايين الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم في الضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات، وفرض الحصار على سكان قطاع غزة، هو الخطر الحقيقي على مستقبلها.

•تسخّر إسرائيل مواردها الوطنية للمحافظة على نظام مزودج: ديمقراطي لليهود، وأبارتهايد للفلسطينيين، لكن وهم أن الاحتلال مريح وهادئ وأن أغلبية الإسرائيليين بعيدون عنه، معرض للانفجار. خلال السنوات الأخيرة التي ساد فيها الهدوء الأمني النسبي في الضفة، خاضت إسرائيل ثلاثة حروب في غزة قُتل خلالها آلاف المدنيين الفلسطينيين من أجل المحافظة على الوضع القائم. وأدت هذه "العمليات" الهجومية ووقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس، إلى تلطيخ الجيش الإسرائيلي والسياسيين الذين أرسلوه إلى غزة وإلى عمليات لحفظ الأمن في رام الله ونابلس والخليل بوصمة أخلاقية. وانتقلت الدعوات إلى مقاطعة إسرائيل والاعتراف بفلسطين حتى من دون اتفاق [سلام]، من هامش الحياة السياسية إلى المنابر الأساسية في الغرب. وبدلاً من أن يتخلى الفلسطينيون عن تطلعاتهم الوطنية، اضطرت إسرائيل إلى مواجهة الحجج التي تقول بأن الصهيونية تتعارض مع الديمقراطية.

•خلال السنوات الست التي حكم فيها نتنياهو تزايدت عملية تسرب الاحتلال إلى قلب إسرائيل. فازداد التوتر الداخلي بين اليهود والعرب، وبدأت أحزاب اليمين تتنافس في ما بينها على سن قوانين غير ديمقراطية تهدف إلى مأسسة التمييز ضد الأقلية [العربية] وحرمانها من حقها في التعبير السياسي. وبينما كان نتنياهو يستعد لإلقاء خطابه في واشنطن، هاجم بلطجية اليمين عضو الكنيست حنين الزعبي في لقاء سياسي في رامات غان. وفي الواقع يشكل هذا الهجوم استمراراً طبيعياً لاقتراح قانون القومية ومحاولات طرد الزعبي وجماعتها من الكنيست، وهو دليل آخر على المصاعب التي تواجه الديمقراطية وازدهارها إلى جانب الاحتلال العسكري.

•تشبه المعركة الانتخابية الحالية حفلات عيد البوريم [عيد المساخر]، إذ تتجاهل الأحزاب الاحتلال ومخاطره وتختار ارتداء أقنعة مثل إيران، أسعار المساكن، والشجارات الشخصية. ولا يجرؤ أحد على التطرق إلى النزاع مع الفلسطينيين وثمنه الباهظ والحاجة إلى إنهائه. لقد ضيع رئيس الحكومة أكثر من أي شخص آخر الفرصة والاهتمام الكبير اللذين حظي بهما في الكونغرس ولم يأت على ذكر الخطر الحقيقي الذي يتهدد إسرائيل.