•ثمة مرشحان أميركيان "غير مُتوّجين" لرئاسة الولايات المتحدة هما هيلاري كلينتون من الحزب الديمقراطي، وجيف بوش من الحزب الجمهوري، يتصدران حتى الآن حملة التنافس للوصول إلى البيت الأبيض سنة 2016. والقاسم المشترك بينهما أن بوش وكلينتون - حتى وإن كانت الأخيرة لا تقول ذلك علناً ـ يتحفظان من السياسة الخارجية التي ينتهجها الرئيس الأميركي باراك أوباما بما في ذلك إزاء الشرق الأوسط.
•عندما تنافس شقيق جيف، جورج بوش الابن، على الترشح لرئاسة الولايات المتحدة، كان هناك في إسرائيل من اعتقد أنه سيواصل تلقائياً السياسة غير المرغوب فيها التي انتهجها والده ووزير خارجيته جيمس بيكر. لكن في نهاية سنة 1999 عندما دعاني إلى مكتبه في بوسطن في ولاية تكساس التي كان حاكماً لها في حينه، أوضح لي ذلك المرشح الغض أن هذا لم يكن توجهه بل بالعكس. وأكد أنه ينوي أن يتخذ نهجاً مستقلاً داعماً أكثر لإسرائيل. في ذلك الوقت كان بالإمكان تقدير أن هذه الأقوال في نهاية المطاف، من النوع الذي يقوله سياسي في خضم حملة انتخابية. لكن الواقع أثبت في وقت لاحق، أن بوش الابن كان يقصد ما قاله فعلاً.
•يجب ألا نستنتج من ذلك بالضرورة أن هذا ما سيحدث مع شقيقه الشاب جيف إذا تم انتخابه (احتمالاته في هذه المرحلة المبكرة غير واعدة لكن من السابق لأوانه حسم التوقعات)، غير أن لهجة خطابه تبدو أقرب أكثر إلى المقاربة السياسية لشقيقه جورج (مع أنها ممزوجة ببراغماتية أكثر) من تلك التي كانت لوالده.
•يوجّه جيف سهام نقده أساساً إلى سياسة أوباما غير الحازمة ولا سيما في ما يتعلق بالحرب ضد الجهاد الإسلامي، والاتفاق الآخذ في التبلور مع إيران حول برنامجها النووي، ولم ينس أيضاً التشديد على دعم الخطاب الذي ينوي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلقاءه أمام الكونغرس الأسبوع المقبل.
•في هذا السياق لا بُدّ من الإشارة إلى أن الأنباء المتعلقة بوجود توجهات لدى الإدارة الأميركية لـ"مقاطعة" "إيباك" ـ المنظمة اليهودية الأكبر والأكثر أهمية في الولايات المتحدة ـ غير مؤكدة بعد. لكن في حال اتخاذ قرار غير حكيم ومُهين كهذا، فسيُفسر الأمر ليس فقط باعتباره خطوة ضد نتنياهو أو ضد إسرائيل بل أساساً ضد اليهود. ويمكن افتراض أن الجمهوريين سيستغلون ذلك إلى أقصى الحدود.
•ولا يتم توجيه الانتقادات إلى الإدارة الأميركية الحالية من جانب جيف بوش والجمهوريين فقط، كما أن هذه الانتقادات لا تتعلق بخطاب نتنياهو المثير للجدل فحسب، بل أيضاً بالحرب غير الحازمة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" ["داعش"] وعلى وجه التحديد تجاه ادعاء أوباما أن إرهاب "داعش" والمنظمات التابعة له (في ليبيا ونيجيريا واليمن وغيرها) وكذلك أعمال الإرهاب القاتلة في فرنسا والدنمارك لا علاقة لها بالإسلام بتاتاً، وأن مصدرها يكمن في مشكلات اجتماعية متعددة.
•ووفقاً لما تم اقتباسه عن هيلاري كلينتون في صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن انتقاداتها تؤكد أن أقوال أوباما تثبت أنه لا يرى الأمور على حقيقتها بشأن تهديد الإسلام المتطرف، وأن أسلوبه يشير إلى ضعف في الوقت الذي يشكل المتطرفون الإسلاميون خطراً على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
•بموازاة هذه الانتقادات اعتبرت افتتاحية نشرتها أخيراً صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية التي تتخذ بصورة عامة مواقف متوازنة بين اليسار واليمين، قرارات أوباما بالنسبة للحرب ضد "داعش" مضطربة، وربطت بينها وبين عمليات أخرى غير جدية له مثل "الخطوط الحمر" المفقودة تجاه السلاح الكيميائي في سورية والاضطرابات في ليبيا. كذلك انتقدت الافتتاحية تحوّل سورية وإيران إلى حليفتين مباشرتين للولايات المتحدة.
•كما أن روبرت غيتس الذي تولى منصب وزير الدفاع في ظل إدارتين أميركيتين، وصف استراتيجية أوباما في الحرب ضد "داعش" بأنها "غير واقعية"، بينما حذّر السيناتور الديمقراطي بوب منديز الرئيس الذي ينتمي إلى حزبه، من مغبة التخلي عن تعهده بوقف المحادثات مع إيران إذا لم يتم إحراز اتفاق مرض بشأن برنامج طهران النووي حتى 24 آذار/ مارس المقبل.
•من الملاحظ أن الحملة الانتخابية في إسرائيل لا تتطرّق إلى أي من هذه الموضوعات. مع ذلك في غداة يوم الانتخابات الإسرائيلية العامة وفي الأعوام المقبلة، من المتوقع أن تكون هذه الموضوعات مطروحة بكل قوة في جدول الأعمال السياسي والأمني سواء كان الذي يتولى مقاليد الحكم في واشنطن بعد 22 شهراً جيف بوش أو هيلاري كلينتون.