•لا أتفق مع [الصحافي] جدعون ليفي الذي كتب في صحيفة "هآرتس" قبل عدة أيام مقالاً بعنوان "جريمة اسمها معاداة الصهيونية"، قال فيه إنه يجب أن نبقي الصهيونية لكتب التاريخ، ونظراً إلى أنه توجد هنا دولة وهي ستبقى هنا، يتعيّن علينا الآن النضال على أحقيتها لا على صهيونيتها.
•بموازاة ذلك يمكن بالتأكيد الاتفاق مع ليفي على أنه ليس جريمة أن تكون غير صهيوني أو حتى ضد الصهيونية. إن جزءاً كبيراً من الشعب اليهودي في العالم ليس صهيونياً، وأكثر من 30% من مواطني إسرائيل غير صهيونيين وأغلبيتهم ضد الصهيونية، ولو كان هذا جريمة لما كان لدينا متسع في سجوننا. وهؤلاء الأشخاص يشغلون وظائف رفيعة في الخدمات العامة، ومن بينهم وزراء وقضاة وأعضاء كنيست وزعماء دينيون ومحاضرون ومربون.
•هناك أيضاً أشخاص علمانيون تعلموا في مدارس البلد وخدموا في الجيش وتعلموا في الجامعات الإسرائيلية يسمون أنفسهم "ما بعد صهيونيين" أو "غير صهيونيين"، وهذا كما هو مفهوم تماماً أمر مشروع. إن حقيقة أن فلاناً ولد في كيبوتس لا تحوله فوراً إلى داعم لفكرة الكيبوتس (وفي واقع الأمر، فإن معظم أبناء الكيبوتسات لا يعيش فيها، والجزء الأكبر منهم ينتقد الجماعية الكيبوتسية ويؤيد جداً عملية الخصخصة التي بدأت في السنوات الأخيرة في الكيبوتسات). كما أن حقيقة أن شخصاً ما ولد لعائلة متدينة لا تجبره على أن يصلي ثلاث مرات في اليوم طوال حياته. والعديد ممن يعتمرون القبعات الدينية يتخلصون منها في هذه المرحلة أو تلك من حياتهم. كذلك، فإن من ولد في البلد لا يتعين عليه أن يؤيد ثيودور هرتسل وحاييم وايزمان وأن يؤمن من أعماق قلبه بأن مشكلة الشعب اليهودي سيتم حلها تحديداً في صهيون.
•برأيي مسموح أن تكون مناوئاً للصهيونية، فهذه ليست جريمة حتى لو كانت الأغلبية تعتقد غير ذلك. وأكثر من هذا، ليس هناك أي تبرير في العالم لإقصاء غير الصهيوني من أي وظيفة كانت، ما دام المقصود أشخاص يلتزمون قوانين الدولة ويعترفون بقواعد اللعبة التي تم تحديدها في الديمقراطية الإسرائيلية ويعملون حسب ذلك.
•ومسموح لهؤلاء أيضاً العمل في إطار قواعد اللعبة على تغيير هذه القواعد.
•لكن ذلك كله لا يعني أن كل ما تبقى لنا بعد إقامة الدولة هو النضال على أحقيتها وصوابها. هذا مهم، لكنه لا يكفي. إن الصهيونية هي ضمان بقاء إسرائيل دولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية والنضال للحفاظ على جوهرها ما زال ضرورياً. وهكذا يكون بوسع كل يهودي في العالم أن يُستوعب فيها كمواطن. إن هذا الجدل لم ينته بيننا وبين العالم، وأيضاً بيننا وبين أنفسنا. كما أنه ليس بالإمكان الهروب من هذا الجدل.