نتنياهو أحبط مساعي التصدي لطموحات إيران النووية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•لعل الخطوة الخرقاء التي أقدم عليها سفير إسرائيل في الولايات المتحدة، ورئيس مجلس النواب الأميركي، والنابعة أيضاً من اعتبارات سياسية ضيقة، قد ألحقت الضرر الأشد خطراً بعلاقات إسرائيل "الخاصة" مع الولايات المتحدة الأميركية. لا يجري الحديث عن حادثة عابرة مع نفحة من الوقاحة الإسرائيلية الظريفة (حوتسبا)، بل عن أزمة عميقة سيحتاج إصلاحها إلى عقد من الزمن. وقد ألحقت منذ الآن ضرراً غير قابل للإصلاح في مساعي وقف طموحات إيران النووية.

•عَكَس الرد الأميركي الحاد غضباً متراكماً إزاء دولة يعتمد أمنها وازدهارها كلياً على الولايات المتحدة الأميركية، وهي تواصل مع ذلك البصق في وجه أميركا. لكنها هذه المرة تجاوزت كل الحدود.

•منذ قيام إسرائيل، عملت القيادات اليهودية في الولايات المتحدة وكل حكومات إسرائيل جاهدةً لجعل إسرائيل شأناً يهمّ كلا الحزبين الأميركيين باعتبارها فوق كل الانقسامات السياسية. وشكل دعم كلا الحزبين لإسرائيل أساس "العلاقات الخاصة". لكن التصريح الصادر عن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ونواب ديمقراطيين آخرين حول قرارهم مقاطعة خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، مقلق للغاية. فإن مجرد التفكير بأن مقعد نائب الرئيس، الموجود بالضبط خلف منصة رئيس مجلس النواب الأميركي مقابل كاميرات التصوير، سيبقى فارغاً، ينبغي أن يتسبب بالغثيان للسياسيين في القدس.

•إن خطاب [نتنياهو] المقرر وهو في أساسه محاولة لتجنيد الكونغرس ضد الإدارة الأميركية، يضع إسرائيل تماماً بين نار الحزبين – وهذا عمل عديم المسؤولية ومحكوم عليه بالفشل. فمنذ إخفاق محاولات منع بيع طائرات الآواكس للمملكة العربية السعودية في العام 1981، لم تسع أي حكومة إسرائيلية لتجنيد الكونغرس لصراع جبهوي مع الإدارة.

•كان يمكن لهذا الضرر أن يُحتمل لو أن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس من شأنه أن يحقق هدفه المعلن- أي منع الإدارة من توقيع "اتفاق سيئ" مع إيران قد يضع إسرائيل أمام خطر مميت. لكن من الواضح جدلاً أن الأمر ليس كذلك، ومن الواضح أيضاً أن الدافع الحقيقي وراء الزيارة هو محاولة رئيس الحكومة استغلال منصة الكونغرس لأغراضه السياسية الخاصة عشية الانتخابات. 

• تسبّبت خطوة [نتنياهو] بنتائج عكسية. تراجع عشرة نواب ديمقراطيين [من مؤيدي تجديد العقوبات ضد إيران] عن موقفهم الداعم لسن قانون عقوبات جديد وأعلنوا تأييدهم لموقف الرئيس القاضي بالانتظار حتى نهاية شهر آذار/مارس، وهو التاريخ النهائي للتوقيع على اتفاق مع إيران، قبل فرض عقوبات جديدة. ثم إن سن هذا القانون الذي حاز دعم الحزبين انهار تماماً، ولم يعد واضحاً ما إذا كان سيتم تأمين أغلبية لتمرير قانون العقوبات أم لا. وإذا جرى تمرير هذا القانون، فسيكون بأصوات الجمهوريين لا غير، في الموضوع الذي عملت إسرائيل طوال عقدين من الزمن للحفاظ عليه كموضوع ثنائي الحزب.

•ليس هذا فحسب، ففي هذا الجو العكر يصعب الآن تجنيد أغلبية من الحزبين لفرض عقوبات على إيران إذا فشلت المباحثات. بيديه دمّر نتنياهو، الذي جعل من صدّ طموحات إيران النووية حجر الزاوية لسياسته الخارجية، ركيزة الدعم الأميركي لهذه القضية.

•ومع ذلك، ترتكز العلاقات الإسرائيلية - الأميركية على أسس متينة ولن تنهار الآن. ستواصل الإدارة دعم إسرائيل في مجموعة من المواضيع، وإن يكن بحماسة أقل.

 

•كاتب المقال تشاك فريليخ، نائب سابق لرئيس مجلس الأمن القومي، ويعمل حالياً على وضع كتاب عن عقيدة إسرائيل الأمنية.