إصرار نتنياهو على إلقاء خطاب أمام الكونغرس ضد سياسة إدارة أوباما سيلحق ضرراً كبيراً بأمن إسرائيل
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

•يبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مصمم على أن يلقي خطاباً حول إيران أمام الكونغرس الأميركي [في مطلع آذار/ مارس المقبل]، فهذا بالنسبة إليه بمثابة هدية انتخابية لا تُعوّض. وفي أعين الكثير من الإسرائيليين يشكل موقف نتنياهو هذا دليلاً قاطعاً على شجاعة هذا القائد. وبرغم أنف أغلبية الأميركيين، فإن نتنياهو مستعد لتحمل المخاطرة لمعرفته بأن ذلك سيجلب له مزيداً من المقاعد في الكنيست، وأن كل الجدل الدائر حول موضوع الخطاب يفيده كثيراً.

•في دولة مثل إسرائيل حيث تعتقد الأغلبية أنها قادرة على القيام بأي شيء من دون أن تتضرر، ليس أمام نتنياهو سبب وجيه كي لا يمضي قدماً في الطريق المضمون لتنمية الأنا القومية. ومن الواضح أن هذه العملية لها هدف انتخابي واضح. فنتنياهو مقتنع بحسب ما نأمل، بأن أي عمل [عسكري] ضد إيران لن يتم تنفيذه من دون موافقة الرئيس الأميركي باراك أوباما حتى لو صوت الكونغرس بأغلبيته على فرض عقوبات إضافية على طهران. بناء على ذلك، فإن المواجهة العلنية مع أوباما تم إعدادها لأهداف إسرائيلية داخلية في مقدمها أن يخرج نتنياهو بطلاً في أعين ناخبي اليمين، وهكذا ينجح في سحب أصوات من الأحزاب الأخرى من الشريحة ذاتها. وهذا بالضبط ما يريده نتنياهو، أي حزب ليكود كبير في الكنيست الجديد على نحو يكون كافياً كي يوكل إليه رئيس الدولة تشكيل الحكومة المقبلة بعد انتخابات الكنيست الجديد يوم 17 آذار/ مارس 2015.

•وفي ما عدا ذلك، فإن إسرائيل وحدها لا تستطيع كبح البرنامج الإيراني الساعي للحصول على قنبلة نووية. ولذا، فإن الضرر الذي يتسبب به نتنياهو لإسرائيل من خلال تمسكه بإلقاء الخطاب أمام الكونغرس ضد سياسة إدارة أوباما، ضرر كبير على أمن إسرائيل. وعلينا أن نتذكر جيداً أن المغزى الحقيقي لخطاب نتنياهو باستثناء بلاغته المعروفة، هو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يُشكك في صدقية رئيس الولايات المتحدة وفي صحة تصريحاته في ما يتعلق بإيران. ولم يسبق أن شهدت العلاقات الإسرائيلية - الأميركية تطوراً من هذا القبيل.

•في التقرير السنوي لمجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة تمّ اقتباس أقوال لأوباما بشأن إيران وبرنامجها النووي، ومما جاء فيه: "إن أوباما والولايات المتحدة يلتزمان منع وإحباط البرنامج النووي العسكري الإيراني. وتتعهد الولايات المتحدة بألا يتم توفير أي جهد، بما في ذلك التدخل العسكري، إذا لم تتوصل الدول الكبرى إلى اتفاق مع إيران". إن هذا يعني أن أوباما وإدارته لم يستبعدا الخيار العسكري، لكنهما مقتنعان بأن العقوبات الاقتصادية فعالة وبأنه يجب إعطاء فرصة للعمل الدبلوماسي. لكن نتنياهو يرفض هذا الموقف، وكل ما يريده هو أن تبدأ الولايات المتحدة والغرب بعمل عسكري شامل. لن يحدث هذا حتى لو خطب نتنياهو مرات ومرات في الكونغرس. وهذه الحقائق لا تهم نتنياهو ولا مصوتي اليمين. لكن على الجميع أن يفهموا أنه بعد 17 آذار/ مارس المقبل سيأتي يوم جديد يمكن أن يكون فيه نتنياهو رئيساً للحكومة مرة أخرى، ولكن أيضاً في البيت الأبيض سيكون أوباما نفسه.

 

•إن الشجعان من مواطني إسرائيل الذين يتباهون بأنفسهم وهم من المؤيدين لخطوات نتنياهو، سيقولون إن كل ما جاء أعلاه هو حملة تخويف صادرة عن اليسار الإسرائيلي الجبان. لقد عرف التاريخ اليهودي فترات كثيرة من إبداء الشجاعة من النوع المحبوب لمؤيدي نتنياهو والضاربين بسيفه، لكن هذا التباهي بالنفس والشجاعة لم يكونا سوى غطاء للقومية المتطرفة والأصولية اللتين أدتا إلى كوارث لم يسبق لها مثيل. ونأمل ألا يجلب نتنياهو علينا كارثة تكون مدعاة لبكاء الأجيال.