•الهجوم الذي نفذه حزب الله الأسبوع الماضي على الحدود الشمالية ينبئ بنهاية الهدوء الذي ساد تلك الحدود قرابة عقد من الزمن منذ نهاية حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006].
•خلال السنة الماضية برز أكثر من مؤشر يدل على ذلك عندما زرع مقاتلو حزب الله في شباط/فبراير وتشرين الأول/أكتوبر عبوات ضد دوريات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود في مزراع شبعا. وسارع نصر الله الى إعلان مسؤوليته عن هذه الهجمات التي كانت الاولى من نوعها على طول الحدود منذ حرب لبنان الثانية. ونظراً لعدم سقوط قتلى فضلت إسرائيل تجاهل الامر، ولمزيد من الدقة فإنها فضلت احتواء هذه الحوادث.
•من هذه الزاوية ومن دون شك يشكل هجوم يوم الأربعاء تصعيداً، ليس لأنه تسبب بسقوط قتلى بل لأنه يعتبر خرقاَ صريحاً وأكثر وضوحاً للهدوء على طول الحدود. لم يعد الأمر يقتصر على عبوات ناسفة يمكن التنصل منها، بل هو إطلاق نار من مسافة قريبة على يد وحدة تابعة للحزب كمنت لجنودنا في الجانب الآخر من الحدود.
•إن قوة الردع التي حققتها إسرائيل في حرب تموز/يوليو ما تزال قائمة وصلبة، والدليل على ذلك أن نصر الله اختار بعناية مكان الهجوم الأسبوع الماضي، وكان الهجوم محدود الحجم كي لا يجر رداً واسعاً ويشعل ناراً كبيرة على الحدود الشمالية. كما سارع إلى إرسال رسالة تهدئة لإسرائيل تقول إن جولة التصعيد الحالية انتهت.
•لكن برغم ذلك، فإن قرار نصر الله الرد بأي ثمن على اغتيال جهاد مغنية ومرافقيه وبينهم ضابط في الحرس الثوري الإيراني، يدل على أنه كان مستعداً للمجازفة بأن يشعل حرباً شاملة، وهنا تكمن أهمية هذه الحادثة.
•فور انتهاء حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] اعتذر نصر الله أمام طائفته الشيعية في لبنان موضحاً أنه لم يقدّر مسبقاً بأن الرد الإسرائيلي على الخطف سيكون بهذه الخطورة وبهذا الحجم، وأنه لو كان يعرف لما أمر بالقيام بالعملية. وها هو نصر الله يوم الأربعاء الماضي يقف أمام معضلة مشابهة وما إذا كان عليه أن يأمر بهجوم من شأنه في ظروف معينة أن يؤدي إلى مواجهة شاملة. لكنه برغم ذلك قام بالمجازفة.
•إن مغزى ما جرى واضح، وهو أنه لا يمكن الاعتماد على الضرر الذي تكبده نصر الله في حرب لبنان الثانية، كما أنه لا يمكن الاعتماد على قوة الردع الإسرائيلية، فقد علمتنا عملية الاسبوع الماضي حدود فعالية هذا الردع.
•من المحتمل جداً أن يقرر نصر الله في المستقبل القريب، وبعكس ما حدث سابقاً، القيام بالرد على هجمات إسرائيل ضد شحنات السلاح الموجهة إليه. ومن المعروف أنه حتى الآن امتنع الحزب عن الرد على هذه الهجمات بحجة أنه يجب ترك المسألة للنظام السوري.
•وفي جميع الأحوال، فإن فترة الهدوء التي عرفتها إسرائيل في السنوات التسع الأخيرة على الحدود الشمالية انتهت وبدأ العد التنازلي لجولة جديدة من المواجهة بين إسرائيل و"حزب الله". ومثل الجولات السابقة، فليس هناك من يرغب بمثل هذه المواجهة، لا في إسرائيل ولا في لبنان، لكن استعداد نصر الله للمجازفة في مواجهة إسرائيل، الأمر الذي لم يجرؤ عليه في الأعوام التسعة الأخيرة، من شأنه أن يؤدي الى وقوع هذه المواجهة في وقت أقرب مما نتوقعه.