لا يمكن لإسرائيل أن تنتصر على حزب الله إلا إذا كبّدت لبنان ثمناً لا يُحتمل من المصابين والأضرار
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•ليس واضحاً أثناء كتابة هذه السطور إلى أين سيتطوّر الحادث الذي وقع في هار دوف [مزارع شبعا] ظهر أمس (الأربعاء)، ولكن وفقاً لطبيعة العملية يمكن التقدير بحذر أن حزب الله غير معنيّ بتصعيد كامل. وأميل إلى ترجيح هذا التقدير ليس لأن حزب الله لا يمتلك قدرة عسكرية كبيرة. فعلى الرغم من خسائره الفادحة في سورية، فإن منظومته الصاروخية التي تشكل سلاحه الأساسي لم تتضرّر على الإطلاق، فضلاً عن أن قوته مقارنة بما كانت عليه سنة 2006 [عندما اندلعت حرب لبنان الثانية] تعاظمت كثيراً، وبات لديه مزيد من الصواريخ وأصبح مداها أوسع، وقدرتها التدميرية أكبر، ومستوى دقتها أعلى.

•إذاً لماذا أقول إن حزب الله غير معني بالتصعيد؟ إنه غير معني أساساً لكونه لا يحظى بالشرعية في لبنان. صحيح أن هناك شرعية كاملة في لبنان للهجوم ضد إسرائيل سواء من جانبه أو من جانب سورية، لكن ليست هناك شرعية لعمل يؤدي إلى دمار شديد في الدولة. وبكلمات أخرى: إن الردع حيال حزب الله مجد ما دام الطرف الآخر يفهم أن الحرب ستؤدي إلى دمار لبنان وليس إلى المساس بحزب الله فقط.

•لقد كان الخطأ الأساسي الذي ارتكبته إسرائيل في حرب لبنان الثانية هو اختيار القتال ضد حزب الله وحده وإبقاء الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني والبنى التحتية للدولة خارج اللعبة. وكانت النتيجة حرباً استمرت 33 يوماً مع ثمن وضرر كبيرين في الجانب الإسرائيلي، ولم يرد أي ذكر لهذا الخطأ الاستراتيجي حتى في تقرير لجنة فينوغراد التي تقصّت وقائع تلك الحرب. فماذا سيحدث إذا أدرنا حرب لبنان الثالثة بموجب هذا المفهوم؟ لعل من المعقول الافتراض بأن النتيجة ستكون أصعب من نتيجة 2006. وبمنتهى الصراحة لا بُد من القول: لا يمكن لإسرائيل أن تنتصر على حزب الله إلا إذا كبّدت لبنان ثمناً لا يُحتمل من المصابين والأضرار.

•على المستوى المبدئي لا يمكن لأي دولة أن تنتصر على منظمة حرب عصابات ناجعة في حال: أولاً، أن يكون العدو وراء الحدود؛ ثانياً، أن تحظى تلك المنظمة برعاية سياسية كاملة من جانب الدولة التي تنشط فيها؛ ثالثاً، أن تكون الدولة التي تمنح الرعاية محصنة من أي رد فعل. وبالتالي، فإن الاستنتاج المطلوب [بالنسبة إلى لبنان] واضح للغاية: إذا استمر إطلاق النار من جانب لبنان نحو إسرائيل وقررنا أن هذا الأمر يستلزم رداً إسرائيلياً واسعاً، فعلى هذا الرد أن يكون حرباً معلنة ضد لبنان كله. ومعروف أن لا أحد يريد دمار لبنان، لا سورية ولا إيران، وكذلك لا السعودية أو الولايات المتحدة أو فرنسا التي استثمرت الكثير في البنى التحتية للدولة. وكلما كان الخوف من دمار لبنان ذا صدقية أكثر، حقق هذا الأمر ردعاً حقيقياً وحال دون وقوع مواجهة شاملة. أما في حال بدء مواجهة كهذه، فإن التهديد بتدمير لبنان من شأنه أن يؤدي إلى وقف إطلاق النار في غضون 3 أيام لا في غضون 33 يوماً.

•إن ادعاء أن الحكومة اللبنانية غير مذنبة ولا يمكنها أن تفرض شيئاً على حزب الله ليس صحيحاً وأيضاً هو غير ذي صلة. إن ما هو ذو صلة أن تهديد لبنان قادر على أن يولد ردعاً حقيقياً لكون حزب الله كمنظمة سياسية يخشى أيضاً أن يتسبب بدمار جسيم لدولته.

•سيكون هناك من يقول إن هذه الاستراتيجية غير ممكنة لأن "العالم لن يسمح لنا بذلك"، لكن هذا القول ضحل. فدول العالم، وبالتأكيد الولايات المتحدة، ستسمح بعملية كهذه في حال توفر شرطين: الأول، أن نقول لها ببساطة إنه لا توجد لدينا أي قدرة على الانتصار على حزب الله، وإذا كانت تعتقد أن الأمر مُمكن فلتقل لنا كيف. وبناء على تجربتي من الحديث مع عسكريين كبار وسياسيين أميركيين بارزين يمكن تجنيد دعم بعيد المدى عندما يتم عرض الأمور على نحو جادّ ومهني. الشرط الثاني، أن نعرض مسبقاً التفسير المهني ولماذا هذا هو الطريق الموصى به، لا أن نعرضه أثناء اندلاع القتال.

 

•من ناحية عملية كانت لدينا ثماني سنوات ونصف السنة لنشرح هذا الأمر، ومما يؤسف له جداً أننا لا نزال حتى الآن نطلق التهديدات ضد حزب الله بدلاً من توجيه رسائل إلى العنوان الصحيح- الحكومة اللبنانية.