•إن اللهجة السائدة قبيل الانتخابات المقبلة تجعل من المجتمع والاقتصاد الموضوعين الأكثر أهمية. ويبذل السياسيون جهدهم كي يظهروا أنهم "اجتماعيون"، والأسئلة التي توجهها وسائل الإعلام إليهم هي من نوع "كيف ستخفضون غلاء المعيشة؟" "وكيف ستحلون مشكلة الإسكان؟" وغيرها. وبرغم أهمية هذه الأسئلة، أين اختفت أسئلة من نوع "كيف ستواجه إسرائيل تهديد داعش؟" و"كيف ستعالج الخطر الإيراني؟" والقضايا الأمنية الأخرى.
•ثمة سببان وراء هذا النزوع في وعي الجمهور؛ السبب الأول يعود إلى أن مشكلات من نوع السكن وغلاء المعيشة والتعليم والصحة وغيرها تضغط على الجمهور بصورة مباشرة وملموسة، في حين أن موضوعات الخارجية والأمن تبدو في نظر أغلبية المواطنين موضوعات مجردة للغاية، أو غير قابلة للحل. والسبب الثاني أنه في نظر أغلبية السياسيين وبخاصة في المعارضة، فإنه ليس لديهم جواب مقنع على هذه المشكلات ولذلك هم يفضلون التهرب منها، أو الاكتفاء بشعارات فارغة من نوع "أفق سياسي" و"السلام هو الأمن" "ومد اليد إلى السلام" وغيرها.
•يميل الذين يريدون الحلول مكان السلطة الحالية إلى أن يلصقوا على كل ظاهرة سلبية ومسيئة في حياتنا بطاقة "اجتماعية"، سواء أكانت كذلك أم لم تكن. لا خلاف على ضرورة السعي إلى تصحيح الواقع الذي جعل قسماً كبيراً من المجتمع الإسرائيلي عاجزاً باستمرار عن مواجهة الكثير من المتطلبات الحياتية، لكن الصورة ليست أحادية الجانب كما يصورونها.
•في ما يتعلق بالفقر يجب ألا ننسى أن هناك شريحة كاملة من السكان الحريديم والعرب لا يشاركون في اليد العاملة، ولذا نجد وسط هؤلاء النسبة الأكبر من الفقر. أما في ما يتعلق بمشكلة الإسكان، فإن الحل ليس "اجتماعياً" ولكنه اقتصادي. وفي هذا الصدد، فإن كل الطرق تؤدي إلى ضرورة إلغاء "سلطة أراضي إسرائيل" التي لا مكان لها في الاقتصاد الحديث والحر. وعندما نتحدث عن غلاء المعيشة، يتعين علينا أن ندرك ان الوسيلة الفعالة والعادلة من أجل خفض الأسعار تكمن في تشجيع المنافسة وإزالة العقبات البيروقراطية، لا من خلال اتخاذ خطوات مصطنعة مثل المراقبين الذين كلفتهم أكبر من نفعهم.
•إن الخطر الحقيقي من الاستخدام العبثي لـ"العدالة الاجتماعية" هو احتمال انزلاق المجتمع والدولة نحو الاشتراكية أو الفاشية، وهما وجهان للاستبداد السياسي. فالاقتصاد والمجتمع مفهومان متداخلان لكن ليس بالقدر نفسه، فالعناية بالمجتمع هي وظيفة الاقتصاد الصحي والمزدهر وليس العكس. وعلى الذين يدعمون زيادة المخصصات والدعم أن يدركوا أنه من المستحيل أن توجد شيئاً من لا شيء. وهنا تظهر المفارقة والكذب في كلام السياسيين الذين يدعون أن جميع مصائبنا سببها الفشل الاقتصادي، في حين أن الاختبار الموضوعي لا يثبت فقط أن الاقتصاد الإسرائيلي ناجح في الازدهار والتقدم برغم الأزمات الاقتصادية التي يشهدها العالم (وبرغم عملية الجرف الصامد)، بل يثبت كذلك أن التطورات الايجابية مستمرة.
•يُظهر الاقتصاد الإسرائيلي مناعة قوية، والأرقام تؤكد ذلك: فنسبة البطالة [في إسرائيل] هي الأكثر انخفاضاً في الغرب، وعدد العاملين يرتفع باستمرار وبوتيرة سريعة من شهر إلى شهر، والإنتاج الصناعي من دون الصناعة القائمة على التكنولوجيا الفائقة التقدم hi-tech تشهد خطاً تصاعدياً وكذلك التصدير الصناعي بحسب القيمة الحقيقية. ويتوقع خبراء الاقتصاد نمواً سريعاً يراوح بين 3.6% و3.7% خلال سنة 2015، هذا طبعاً شرط انتهاج سياسة اقتصادية صحيحة وليس السياسة الشعبوية التي يقترحها اليسار.