حصاد العام 2014: أهم التحولات السياسية والاقتصادية
المصدر
غلوبس

موقع متخصص بالمسائل الاقتصادية ومسائل الطاقة. يصدر باللغة الإنكليزية.

المؤلف

•لم يكن العام 2014 عاماً جيداً. وهذا باعتراف الجميع تقريباً على الرغم من بعض نقاط الضوء المتفرقة: ألحق انهيار أسعار النفط الأذى ببعض الدول التي لن نذرف دمعة واحدة على الضرر اللاحق باقتصادها، ولا سيما إيران؛ جرى التوصل أخيراً إلى اتفاق شامل لمكافحة الاحتباس الحراري، سنرى ماذا سينفذ منه؛ كما يشهد الاقتصاد الأميركي انتعاشاً. هل فاتني شيءٌ ما؟

•لكن الأيام والأشهر الآتية لن تحمل لنا السعادة والثروة. للأسف قد يكون العام 2015 أسوأ من العام المنصرم. ودعونا نبدأ حصاد العام 2014 من الجوار الهادئ والمتعاطف الذي نحيا فيه. وعليه، يظهر أن هذا العام سيكون صعباً على إسرائيل.

•وفي المجال الاقتصادي- الاجتماعي: النمو يراوح مكانه، والفجوات الاقتصادية والاجتماعية مستمرة، فضلاً عن ارتفاع تكلفة المعيشة وما إلى ذلك. وسيضطر القادة السياسيون المنتخَبون، إذا استطاعوا، وإذا أرادوا، وإذا تمكنوا، من تشكيل ائتلاف حكومي، وإذا وإذا، إلى اتخاذ قرارات غير شعبية و/أو متعارضة بالفعل مع مصالح كبرى ومتمكّنة.

•وفي الحلبة السياسية والدبلوماسية الخارجية، نقترب بسرعة من لحظة الحسم التي ستضطر فيها إسرائيل، أو تُجبر على اتخاذ قرار بشأن مصير المناطق [المحتلة]، وبشأن اتفاق سلام أو نوع من الاتفاق مع الفلسطينيين. لكن تنطوي كل مخاطرة على فرصة. ففي التقلبات الهائلة التي يشهدها العالم العربي، تلوح فرصة معينة ليست كبيرة، للتوصل إلى اتفاق شامل مع المحور السني المعتدل. مع التأكيد مجدداً على أنه ليس واضحاً أن هذا ممكن من الجانب الثاني، أو من جانبنا نحن. غير أن الضغط السياسي والاقتصادي قائم منذ الآن، وهو سيكون مؤلماً وخطراً أكثر بكثير مع مرور الزمن.

•نحن نخسر الدعم العالمي. نخسر أصدقاء ونكسب أعداء. والرأي العام العالمي يتحوّل ضدنا، والدعوات إلى المقاطعة لم تعد حكراً على أشخاص هامشيين وغريبي الأطوار في الوسط الأكاديمي أو اليسار الراديكالي. ومصدر قلقي الأكبر هو رؤية ما يدور حولي من نزف متواصل – يغادر آلاف الإسرائيليين البلاد في كل عام: أصحاب كفاءات تكنولوجية عالية، أطباء، باحثون، مبادرون ينقلون أعمالهم إلى بلدان أخرى، ومتخرجون يسعون الى حياة أفضل في أستراليا، وكندا، والولايات المتحدة. هؤلاء نخسرهم. قلة قليلة منهم تعود إلى البلد. هناك كليات جامعية في الولايات المتحدة يمثل فيها الباحثون الإسرائيلون ربع بل أكثر من ربع عدد الباحثين الأجانب. وتمثل خسارة الأدمغة والكفاءات على المدى البعيد، خطراً يفوق ما عداه من أخطار على المجتمع الإسرائيلي، المجزأ والمقسم هو أيضاً.

•أما بالنسبة لجيراننا، فيواصل الفلسطينيون مسيرتهم نحو كسب الاعتراف الدولي. وتخدم تقصيرات إسرائيل على مر السنين، حملتهم الدعائية. وهل هناك من يظن أن عملية "الجرف الصامد" كانت جولة القتال الأخيرة بين إسرائيل وقطاع غزة؟ 

•لم يتم القضاء على حزب الله. ومرة أخرى أقول، ضَعُف أعداؤنا ومن بينهم حزب الله وإيران، وخسروا مقاتلين في ساحات القتال في سورية. لكن ربما سنشهد هذا العام توقيع اتفاق نووي مع إيران قد يكون اتفاقاً جيداً وقابلاً للمراقبة والتطبيق. نأمل ذلك.

•لكن الحرب بين السنة والشيعة، وبين الجهاديين وسائر العالم سيشتد أوارها.

أما "شرطي العالم" فقد قدّم استقالته. سيقوم حلف الناتو بسحب جنوده المقاتلين من أفغانستان بحلول نهاية العام [2014]، ولن يبقى سوى القلة منهم. وبعد 12 عاماً ونيف من القتال، واحتلال افغانستان، وتريليون دولار وسقوط آلاف الجنود الأميركيين في أفغانستان وحدها – وإذا أضفنا التكلفة المادية والبشرية في العراق نحصل على أرقام مخيفة- تتخلى الولايات المتحدة عن كل شيء. تغادر مخلّفة وراءها في العراق وأفغانستان طائرات بلا طيار، وقوات مدربة نصف تدريب خائفة يفترض فيها محاربة مقاتلي "طالبان" و"القاعدة" و"داعش" ومن لفّ لفهم.

•وماذا يحدث في الداخل الأميركي؟ الاقتصاد يتعافى بالفعل، وبورصة الأسهم الأميركية في مسيرة متصاعدة، لكن الإنتاج انتقل إلى الصين من دون رجعة، آخذاً معه التفاؤل الأميركي المعهود. وفي المدى القريب، ستدخل الولايات المتحدة حالة تشنج وصراع لأسباب أيديولوجية أحياناً، ولأسباب تافهة أحياناً أخرى، بين الجمهوريين والديمقراطيين، وبين حزب الشاي والليبراليين.

•ومرة أخرى سيتعطل عمل الكونغرس والإدارة، وسوف تجمّد الإصلاحات وتسمع الخطابات النارية، ونعود إلى جولة جديدة من الانتخابات قريباً...

•بحلول نهاية العام [2014]، تجاوز حجم الاقتصاد الصيني حجم الاقتصاد الأميركي. وللمرة الأولى منذ 200 عاماً تقريباً، هناك دولة غير بيضاء وغير أوروبية المنشأ- عذراً لهذه الأوصاف العنصرية لكنها ذات صلة هنا- هي الأكبر في العالم، وهي الدولة القائدة فيه. 

 

•لكن، كيف سيبدو العالم وهو تحت قيادة الصين؟، الأمر الذي كان متوقعاً منذ سنوات.