معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
•قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التقدم بطلب إلى مجلس الأمن كي يتخذ قراراً يضع جدولاً زمنياً للانسحاب الإسرائيلي من المناطق حتى نهاية 2017 ويعترف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، أجبر دولاً في الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية على إعادة طرح مشكلة النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني على جدول الأعمال، كما أدى هذا التطور أيضاً بصورة حتمية إلى طرح قضية العملية السياسية مع الفلسطينيين على جدول الأعمال الإسرائيلي العام، وكذلك العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، فمن المنتظر أن تشكل العملية السياسية محور نقاش في المعركة الانتخابية في إسرائيل.
•يمكن رؤية قرار منظمة التحرير التوجه إلى مجلس الأمن كنتيجة لاستمرار الجمود في العملية السياسية، وفشل الجولة الأخيرة من المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين التي قادها وزير الخارجية جون كيري، وكذلك نتيجة الشعور بعدم ر ؤية اختراق سياسي في الأفق (هذا الشعور كان سائداً وسط الفلسطينيين قبل قرار تقديم موعد الانتخابات في إسرائيل)؛ وكذلك نتيجة لاعتقاد أن الحكومة الإسرائيلية ليست شريكة في أيّ اتفاق. لكن في الوقت عينه، فإن القرار محاولة من جانب عباس لاستغلال التصعيد في التوتر والعنف بين إسرائيل والفلسطينيين (على أمل ألا تخرج هذه الأحداث عن السيطرة، ولا تتحول إلى شرارة تشعل مواجهة واسعة) من أجل الدفع قدماً باستراتيجيته التي تستهدف الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وفرض حل على إسرائيل من دون مفاوضات مباشرة معها. ومما ساهم في توتير الأجواء بين إسرائيل والفلسطينيين الحوادث التي جرت في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] والتي فُسرت في ضوء عدم رد الحكومة الإسرائيلية على نشاطات سياسيين من أوساط اليمين في المكان، بأنها تعبر عن نية إسرائيل تغيير الوضع القائم [الستاتيكو] منذ سنوات طويلة في المكان.
•علاوة على ذلك، فإن تركّز الاهتمام على القدس دفع بالأردن الذي يعتبر نفسه حامي المكان، إلى اتخاذ عدة إجراءات للرد على ما يجري، بينها استدعاء سفيره في إسرائيل للتشاور، وعقد قمة طارئة في عمان لمناقشة القضية، ودعم التوجه الديبلوماسي الفلسطيني في الأمم المتحدة انطلاقاً من عضويته الدورية في مجلس الأمن.
•ردّت الحكومة الإسرائيلية على التحرك الفلسطيني في مجلس الأمن بحملة ديبلوماسية مكثفة غايتها عرقلة التحرك وإقناع الإدارة الأميركية باستخدام الفيتو ضد اقتراح القرار الفلسطيني وضد أي صيغة قد يضعها أعضاء مجلس الأمن. وعلى هذه الخلفية ذهب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى روما من أجل لقاء طارئ خاص مع وزير الخارجية كيري. وحتى الآن ما تزال نتائج هذا الاجتماع غير معروفة نظراً لعدم إصدار بيان رسمي علني بعد الاجتماع.
•ومن أجل إنقاذ الولايات المتحدة من هذا المأزق، تعمل فرنسا وبريطانيا وألمانيا على بلورة اقتراح قرار يسمح للولايات المتحدة بعدم استخدام الفيتو. ومن المفترض أن يستند هذا الاقتراح إلى مبادئ حل النزاع التي حاول وزير الخارجية كيري بواسطتها التوصل إلى اتفاق خلال جولة المفاوضات الأخيرة بين إسرائيل والفلسطينيين، ووضع جدول زمني من عامين من أجل إنهاء المفاوضات على تسوية دائمة بين الطرفين. وتنسجم المبادرة الأوروبية مع الجو الناشئ في الفترة الأخيرة في أوروبا والذي تجلى عبر موجة قرارات الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي اتخذتها حكومات وبرلمانات أوروبية مختلفة.
•وما يمكن قوله إن نتائج هذه التطورات ليست قليلة ، مع أنه في هذه المرحلة ليس من الواضح كيف سينتهي التحرك الديبلوماسي الفلسطيني وماذا ستكون نتائجه.
•قرار نتنياهو حل الحكومة والذهاب إلى انتخابات يجعل الإدارة الأميركية تتردد حيال القرار الذي يجب أن تتخذه وانعكاساته المحتملة على المعركة الانتخابية في إسرائيل. ومن خلال تقارير صحافية يمكننا الاطلاع على الجدل الدائر داخل الإدارة. فهناك الأطراف التي تدعم سياسة استخدام الفيتو كي لا تسمح لنتنياهو وأوساط اليمين في إسرائيل باستخدام شعار "العالم كله ضدنا" لجذب الأصوات إليها. وهناك من لا يتخوف من تأثير استخدام الفيتو على توجهات التصويت في إسرائيل إذا كان الاقتراح المقدم للتصويت عليه في مجلس الأمن مطابقاً لما تستطيع الولايات المتحدة القبول به. وفي رأي هؤلاء يجب إجراء مفاوضات مع الدول الأوروبية الثلاث التي تقود عملية صياغة القرار، وقد صرّح وزير الخارجية كيري أن لا مشكلة للولايات المتحدة في التصويت على "اقتراح ملائم".
•إن التدخل الأميركي في المعركة الانتخابية في إسرائيل ليس بالأمر الجديد. وهذه المرة أضيف إلى ذلك اهتزاز العلاقات بين الرئيس باراك أوباما ورئيس الحكومة نتنياهو (يمكن افتراض أن الرئيس أوباما وطاقم البيت الأبيض لم ينسوا تدخل نتنياهو نفسه ضد الرئيس الاميركي في المعركة الانتخابية التي فاز فيها أوباما بولاية ثانية]. وبغض النظر عن اعتبارات الإدارة الأميركية، يمكن القول إن الامتناع الأميركي عن استخدام الفيتو على اقتراح القرار الذي وضعت صيغته نتيجة حوار بين دول أوروبية والولايات المتحدة، سيكون له تأثير ايجابي على معركة الانتخابات في إسرائيل، لأن هذا الامتناع سيجبر الأحزاب المتنافسة في المعركة الانتخابية وكذلك الجمهور الإسرائيلي عامة، على مواجهة نتائج قرار مجلس الأمن الذي يحدد (برامترات) معايير نقاش التسوية الدائمة، على عكس المعركة الانتخابية السابقة التي تمحورت حول الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية التي في اطارها امتنعت الأحزاب ومعها الجمهور عن التطرق إلى القضية الأساسية للعلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين.
•أما في ما يتعلق بالنقاش العام الدائر قبيل الانتخابات في إسرائيل، فثمة أهمية كبيرة أيضاً للاهتمام بعلاقة إسرائيل بالولايات المتحدة، وسيضطر الجمهور الإسرائيلي الى الاختيار بين وجهتي نظر متعارضتين. وجهة النظر الأولى التي تعتبر العلاقات بين الدولتين عاملاً أساسياً في قوة إسرائيل الاستراتيجية وفي قدرتها على الردع. ويمكن أن تنشأ فكرة "عقاب" الزعيم الذي أضرّ بالعلاقات بينهما (مثلما حدث مع رئيس الحكومة يتسحاق شمير عندما هزمه يتسحاق رابين في الانتخابات التي جرت في 1992). وهناك وجهة النظر الثانية التي تنظر إلى دولة إسرائيل على أنها "لشعب يسكن وحده"، مما يعني أن المناوشات مع دول العالم تعكس العداء للسامية المتأصل فيها.
•وسيدعم المؤيدون لهذه النظرة زعيماً سياسياً يتعهد برفض الضغوط الدولية ويعارض توجه دول العالم نحو فرض سياسات وخطوات على إسرائيل تعتبرها الأخيرة إشكالية.
•إذا تشكلت بعد الانتخابات حكومة ائتلافية مهتمة بمفاوضات حقيقية مع الفلسطينيين، فهي تستطيع الاستعانة باقتراح القرار في مجلس الأمن وبدء النقاش في القضايا الجوهرية للنزاع بالاستناد إلى التقدم الذي تحقق في الجولات السابقة للمحادثات. وذلك على عكس ما هو معتمد حتى الآن حيث إن كل حكومة في إسرائيل تبدأ النقاش من الصفر. ونتيجة لذلك كان يتعين على حكومات إسرائيل اتخاذ قرارات حاسمة في المسائل فقط الجوهرية في نهاية ولايتها، الأمر الذي كان يثير شكاً كبيراً في قدرتها على تطبيق الاتفاقات والوفاء بتعهداتها.