من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•تتيح سلسلة التقارير التي نشرها آفي بار- إيلي في "ذي ماركر" [الملحق الاقتصادي في الصحيفة]، إطلالة نادرة على ما يجري بشأن شركة كاتسا التي أقيمت بعد حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967]، بالشراكة بين حكومتي إسرائيل وإيران، لنقل النفط الإيراني من إيلات إلى البحر المتوسط.
•في أعقاب الثورة الإسلامية الإيرانية انقطعت العلاقات بين الدولتين، لكن الشركة واصلت العمل والازدهار بسبب الامتياز الحكومي، وعملت على نقل النفط في أنبوب من النقب إلى محطة توليد الطاقة "دوراد". وفي ظل الرقابة العسكرية تحولت شركة كاتسا إلى مجال عمل للمقربين من الحكم وخريجي جهاز الأمن. وأتيح في الفترة الأخيرة الكشف عن نشاط هذه الشركة بعد تسرب النفط من أنبوبها مما تسبب بتلويث منطقة كبيرة في العربا.
•خلال العشرين عاماً الأخيرة، كانت كاتسا سبباً لوجود قناة اتصال خاصة بين إسرائيل وإيران. فقد رفعت إيران دعوى تحكيم ضد إسرائيل في محاولة لاسترجاع ثمار استثماراتها في الشركة المشتركة والتي تقدّر بمئات ملايين الدولارات إن لم تكن بالمليارات. وتجري الاجراءت في أوروبا ببطء، لكن الإيرانيين نجحوا في أن يفرضوا على إسرائيل تعيين محكِّمين وفازوا بقرار أولي يقضي بدفع عشرات الملايين من الدولارات.
•وكشف بار- إيلي النقاب عن حقيقة أن إسرائيل طلبت من المحكِّمين إخفاء هوية الدول المشاركة في الاجراء لدى نشر القرارات على الإنترنت. لكن المحكٍّمين استخفوا بالطلب وفرضوا على إسرائيل دفع تكاليف المحاكمة التي تقدر بنحو مليون شيكل. فإلى جانب الضرر القانوني والمالي الذي لحق بإسرائيل من جراء ذلك، يثير هذا الحكم تساؤلات قاسية بشأن دوافع الحكومة من وراء فرض التعتيم الكثيف على كاتسا.
•من الصعب التخلص من انطباع أن حكومة نتنياهو تخشى الكشف عن إجراء التحكيم لأن ذلك يظهر أنها تتعامل قانونياً وتجارياً مع إيران. لكن السؤال الذي يجب طرحه هو: هل يعرف الجمهور الإسرائيلي الصورة الكاملة لعلاقات حكومته مع إيران؟ وهل إلى جانب تخوفه من تطوير قنبلة نووية إيرانية، يخشى نتنياهو أن تفرض عليه قرارات التحكيم إعادة مبالغ كبيرة لإيران تستطيع بواسطتها تمويل منشآتها النووية؟ وهل لجوء إيران إلى التحكيم ضد "الشيطان الأصغر" دليل على أن حكامها قادرون على التصرف بعقلانية وليسوا فقط مجموعة مسيانية كما يدّعي نتنياهو ومؤيدوه؟ وهل النزاع الإيراني– الإسرائيلي الذي وصل إلى حافة الحرب في عهد نتنياهو يدور أيضاً على المال، وليس فقط على القوة والنفوذ؟