تمديد المفاوضات النووية مع إيران: الرابحون والخاسرون
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

•لقد كنتُ على خطأ بشأن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. فقد قدرت أنه في اللحظة الأخيرة سيقوم الإيرانيون ببادرة صغيرة من أجل توقيع الاتفاق. واعتقدتُ أنه مثلما يجري في البازار التقليدي، فإن الشاري الإيراني سيوافق على إضافة القليل [من التنازلات] من أجل أن تتم الصفقة، وهكذا تستطيع إيران المضي في الطريق الطويل نحو القنبلة.

•لقد كنتُ على خطأ، ويبدو أن الإيرانيين يشعرون بأنهم أقوياء أكثر مما كنت أعتقد. فهم يعتقدون أن مجموعة الدول الست التي في مواجهتهم ترغب أكثر منهم في اتفاق، ولذلك هم ليسوا مستعدين للتقدم خطوة واحدة في اتجاه الدول العظمى، على الرغم من الخطوات التي قامت بها هذه الدول حيال الإيرانيين والتنازلات غير القليلة التي قدمتها. وكان واضحاً أن مصلحة الطرفين تقتضي عدم إعلان انتهاء المحادثات.

•سوف يربح الإيرانيون من تمديد المفاوضات مرتين؛ فما دامت المفاوضات مستمرة فهم لن يكون عليهم أن يقلقوا من الهجوم عليهم، أو المس باقتصادهم خلالها. وفي تقديرهم أنهم خلالها سيحصلون على شروط أفضل من تلك الموجودة اليوم. ففي بداية جولة المفاوضات الأخيرة، اقترحت الدول العظمى على الإيرانيين استخدام 500 جهاز طرد مركزي، أما اليوم فالاقتراح المطروح على الطاولة هو 4500 (يملك الإيرانيون 9000 جهاز طرد مركزي قيد الاستخدام، ونحو 10 آلاف جهاز متطور لم تُستخدم بعد).

•لكن يبدو أن هذه الإنجازات ليست كافية، حتى الآن، لإرضاء زعماء إيران. فهم يريدون وضعاً يسمح لهم بإنتاج سلاح نووي بسرعة فائقة من دون المجازفة بردّ قاس. ما هي حظوظ أن يتنازل الإيرانيون من دون عقوبات صارمة وتهديد عسكري جدي؟ في رأيي الحظوظ قليلة جداً. وما هي حظوظ أن تتنازل الدول الست التي تتفاوض مع الإيرانيين عن أمور مهمة جديدة كي لا تصل إلى وضع تعلن فيه فشل المفاوضات؟ في رأيي الحظوظ أكبر بكثير.

في هذه المرحلة يتمتع الإيرانيون بميزتين مهمتين نتيجة أخطاء كبيرة ارتكبها الطرف الآخر: من الواضح للإيرانيين أنه بالنسبة إلى الذين يقودون المفاوضات، فإن فكرة الفشل وزيادة خطر العملية العسكرية أمر غير ممكن، وهم سيبذلون جهدهم من أجل منع ذلك. ومن خلال تصريحاتهم، حشر الأميركيون أنفسهم في الزاوية وباتوا في وضع لا يسمح إلا بالتوصل إلى اتفاق، أيّ اتفاق. ومن يصرح بأن مثل هذا الاتفاق سيكون من "الإنجازات الكبرى للسياسة الخارجية للولايات المتحدة"، فإنه لا يستطيع الوصول إلى وضع تفشل فيه المفاوضات.

•تخفيف العقوبات أضعف كثيراً الضغط على الإيرانيين. لقد روى لي مهاجر إيراني يقوم بزيارة عائلته في الجمهورية الإسلامية كل بضعة أشهر، أنه في الماضي كان هناك خوف لدى السكان من استمرار تدهور الوضع الاقتصادي طوال الوقت. لكن في زياراته الأخيرة تغيرت الأجواء وتحسن الوضع ولم يعد السكان قلقين كما في السابق. 

•علاوة على ذلك، شعر الإيرانيون بتفوقهم بسبب أحداث أخرى في المنطقة: ففي اليمن نجحت القوى الشيعية [الحوثيون] المدعومة من الإيرانيين، بالسيطرة على العاصمة صنعاء؛ وفي شمال العراق وفي سورية لم تحقق الولايات المتحدة إنجازات في قتالها ضد داعش، وتزايدت الأصوات الداعية إلى إشراك إيران في هذا القتال. الواقع الدولي يؤكد عندما تكون هناك حاجة إلى مساعدة دولة في مجال معين، فإنه يدفع لها في مقابل مجالات أخرى. 

•صحيح أن تأجيل المفاوضات حتى نهاية الصيف أفضل في نظر إسرائيل من توقيع اتفاق سيئ، لكن من دون عقوبات إضافية ومن دون التشديد على احتمالات التوجه نحو الخيار العسكري، فإن الاتفاق الذي قد يتوصل إليه الطرفان في الأشهر المقبلة لن يكون أفضل بكثير من الاتفاق المطروح اليوم للنقاش. كما أن احتمالات أن تكون التغييرات التي ستدخل على ما هو مقترح اليوم في صالح الإيرانيين أكثر مما هي في صالح الدول الست. ولا يبدو أن الغرب والروس والصينيين سيطرحون مطالب جديدة من الإيرانيين، لذا من المتوقع أن تدور المفاوضات حول تخفيف جديد للعقوبات تسعى طهران إلى تحقيقه. وكل الضغط سيكون على الولايات المتحدة التي تقود المفاوضات، كي تتنازل.

•حتى الآن ليس هناك جواب قاطع على السؤالين اللذين يتعلقان بكيفية التصرف الأميركي، لذا من الصعب معرفة إلى أين ستسير المفاوضات. السؤال الأول هو مدى إصرار الرئيس أوباما بعد ان استنفد التنازلات حيال إيران: هل سيفضل المرونة من أجل التوصل إلى اتفاق يمكن أن يصوره نجاحاً بغض النظر عن مضمونه؟ 

•أم أن اهتمامه بالإرث الذي سيتركه وراءه سيمنعه من تقديم تنازلات جديدة كي لا يذكره التاريخ بوصفه من خضع لإيران وتسبب بحصولها على السلاح النووي بعد انتهاء ولايته؟

•السؤال الآخر هو ماذا سيفعل الكونغرس الأميركي، وكيف سيردّ هذا الكونغرس الذي سيصبح تحت سيطرة الجمهوريين بدءاً من كانون الثاني/يناير على خطوات من شأنها التخفيف عن الإيرانيين، مقابل ما عُرض عليهم عشية تمديد المفاوضات هذا الأسبوع؟

•إن للصراع الدائر في واشنطن وجهان: الأول يتناول الأمور الجوهرية مثل: إلى أي حد يمكن الضغط على إيران؟ وما هو الاتفاق السيئ الذي من الأفضل عدم توقيعه؟ وما هي الشروط الدنيا التي يمكن المجازفة بها من أجل التوصل إلى اتفاق؟

•الوجه الثاني هو وجه أميركي- داخلي يتعلق بمسألة صلاحيات الرئيس في مقابل صلاحيات الكونغرس، وهي مسألة معروفة في التاريخ الأميركي، لكنها تزداد حدة في كل مرة يواجه الرئيس كونغرس يسيطر عليه الحزب الخصم.

•وفي الحقيقة، فإن كثيرين في الحزب الديمقراطي ينظرون بخطورة إلى حجم التنازلات للإيرانيين، لكنهم لا يستطيعون تجاهل الوجه السياسي- الداخلي للنقاش، مما يصعّب عليهم إلى حد ما الوقوف إلى جانب من يشاطرهم هذا الرأي في الحزب الآخر. 

•يدرك البيت الأبيض نفوذ الكونغرس، ويتخوّف من تشديده للعقوبات لأن هذا قد يؤدي إلى تفجير المحادثات واتهام الولايات المتحدة بذلك. لذا فهو سيحاول منع الكونغرس من القيام بذلك، ولديه القدرة. 

وعلى الأرجح ستكون الأشهر المقبلة في المفاوضات أشهراً حاسمة لأنه سيكون من الصعب جداً تمديد المحادثات في الصيف المقبل بعد استمرارها لأكثر من سنة ونصف السنة.