من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•مَن يقارن في هذه الأيام بين تصريحات رئيس الحكومة والوزراء وتقديرات رؤساء الأجهزة الأمنية، يتكوّن لديه انطباع بأن كل مجموعة تعمل داخل واقع افتراضي خاص بها لا علاقة لها بما يدور داخل المجموعة الأخرى.
•ففي الوقت الذي يعتبر نتنياهو والوزراء رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) مسؤولاً أساسياً عن انفجار موجة العنف في القدس، يرى كبار مسؤولي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في محمود عباس مصدر أمل أساسي للحؤول دون انزلاق المواجهات إلى جميع أنحاء المناطق.
•قال عضو المجلس الوزاري المصغر نفتالي بينت الأسبوع الماضي عن عباس - بعد المجزرة في كنيس حي هار نوف في القدس- إنه واحد من كبار الإرهابيين الذين أوجدهم الشعب الفلسطيني. وفي نهاية الأسبوع دعا بينت في مقابلة أجرتها معه القناة الثانية إلى التخلي عن الحديث عن الاحتلال والبدء بهجوم مضاد ضد الإرهاب في القدس والمناطق. ومن الملاحظ أن تصريحات بينت بشأن رئيس السلطة مثلها مثل تصريحات أخرى مشابهة لوزراء آخرين، تتعارض بصورة حادة مع ما قاله رئيس الشاباك يورام كوهين من أن عباس لا يشجع الإرهاب لا فوق الطاولة ولا تحتها.
•وحاول وزير الدفاع موشيه (بوغي) يعلون ردم الهوة بين الطرفين من خلال قوله إن كلام كوهين أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست سُرّب بصورة مشوهة إلى الإعلام بقصد سياسي، وأضاف: "يتخوف أبو مازن من إمكانية وقوع عمليات ارهابية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لأنه يدرك أن هذا قد يؤدي إلى سقوطه. من ناحية ثانية لا يمكن تجاهل تحريضه بشأن كل ما يتعلق بجبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، ولا تناقض بين الأمرين، فمن جهة لا يحرك عباس الإرهاب، لكنه من جهة أخرى يحرّض على العنف في القدس".
•لكن يبدو أن رؤساء الأجهزة الأمنية أقل انتقاداً لعباس. ومن الأمور النادرة إلى حد ما الاتفاق التام في الآراء بينهم في هذه الأيام: توصية جارفة ضد خطوات عقابية جماعية في القدس الشرقية والضفة، ومعارضة إدخال الجيش الإسرائيلي إلى الأحياء العربية في القدس (وهي خطوة يطالب بها بينت علناً). وهم يرون تزايد العامل الديني في النزاع - الصراع على الحرم القدسي، والفظائع التي ترتكبها الدولة الإسلامية داعش- لكن هذا يجب ألا يبعد عن الصورة الغضب الفلسطيني من استمرار الاحتلال.
•تعتبر الاستخبارات الإسرائيلية عباس عنصراً كابحاً في كل ما له علاقة بالعنف، وهو عنصر غير محرّض، والأجهزة الأمنية التابعة له تقوم بدور فاعل في تهدئة النفوس في الضفة.
•صحيح أن إدانة عباس لمقتل المصلين في القدس كانت ضعيفة، لكن في رأي هذه الأجهزة أنه يجب ألا ننسى أن هذا جاء في اليوم الذي أعلن فيه البرلمان في الأردن - الدولة التي لديها اتفاق مع إسرائيل منذ 20 عاماً وتحصل منها على مساعدة واسعة النطاق على أكثر من صعيد- الوقوف دقيقة صمت على أرواح القتَلة وليس الذين قُتلوا في هجوم القدس.
•إن المحافظة على شبكة الكوابح في الضفة مرتبطة بمواصلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية لعملها، وبالوضع الاقتصادي، وبقدرة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على منع عودة الإرهاب المنظم، بالإضافة إلى التصدي لموجة الهجمات التي تقوم بها "ذئاب وحيدة". في هذه الأثناء، فإن وضع الذراع العسكري في "حماس" سيئ للغاية، وهو يتعرض إلى موجة اعتقالات من جانب إسرائيل والسلطة الفلسطينية معاً. وفي الواقع، فإن انتفاضة واسعة النطاق يمكن أن تنشب على خلفية حادث ديني في الحرم القدسي، أو نتيجة التدهور التدريجي على الصعيد السياسي. ويبدو عباس حالياً متمسكاً بوجهة نظره في التوجه إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للمطالبة بإعطاء فلسطين مكانة دولة- عضو. ومن المنتظر أن تدرس الجامعة العربية في نهاية الأسبوع الموضوع ومن بعد ذلك يقوم الأردن بتقديم طلب رسمي نيابة عن الفلسطينيين.
•إن مثل هذه الخطوات، كما لعمليات إرهابية أخرى، قد يكون لها نتائج اقتصادية خطرة: مثل وقف تحويل الضرائب من إسرائيل (معناه التوقف عن دفع رواتب موظفي السلطة الفلسطينية)، أو تقليص عدد العمال الفلسطينيين الذي يعملون في إسرائيل والمستوطنات بصورة كبيرة. لهذه الأسباب كلها، يتحدث مسؤولو المؤسسة الأمنية بهذه الطريقة في محاولة منهم لإعطاء فرصة للقيادة السياسية كي تلتقط أنفاسها قبل اندلاع مواجهة جديدة في وقت ما في العام المقبل. ويختلف هذا كلياً عن التصريحات الوطنية التي نسمعها في القدس، والتي تبدو موجهة نحو الجمهور الداخلي من اليمين مع اقتراب موعد الانتخابات أكثر مما هي موجهة إلى شركائنا الفلسطينيين المشكوك في أمرهم.