•حتى لو كان ما ذكرته الوزيرة السورية [بثينة شعبان] عن موافقة رئيس الحكومة إيهود أولمرت على الانسحاب من الجولان صحيحاً، فإنه لم يعط السوريين شيئاً لم يعطهم إياه أسلافه في المنصب. وحتى لو وافق مبدئياً على الانسحاب من الجولان فإن الطريق إلى اتفاق سلام بين القدس ودمشق طويل للغاية. وفي الحقيقة ليس هناك حاجة إلى مفاوضات جديدة، وإنما إلى أن ينزل أحد الطرفين عن الشجرة. إن كل طرف يعلم تماماً ما يريده الطرف الآخر، لكن من الصعب عليه الاستجابة لطلب الآخر. كلاهما يدعو إلى تجديد المفاوضات من دون شروط، لكنهما سرعان ما يضعان شروطاً خاصة بهما.
•تطلب سورية تعهداً إسرائيلياً بالانسحاب إلى خطوط 4 حزيران/ يونيو 1967 كشرط ابتدائي للمفاوضات. ومعنى هذا الطلب هو الانسحاب من هضبة الجولان حتى آخر حبة تراب، وتمكين السوريين من الوصول إلى بحيرة طبرية. وتعتبر إسرائيل الانسحاب إلى حافة البحيرة تهديداً لمصادرها المائية وخطراً أمنياً محتملاً. وحتى لو أبدى السوريون مرونة بشأن بضع مئات من الأمتار من بحيرة طبرية، فسيظل هذا الأمر، بالنسبة إلى إسرائيل، تنازلاً مؤلماً.
•إن السوريين مطالبون، كشرط ابتدائي، بالتعهد بالانفصال عن صديقتهم إيران والتخلي عن رعايتهم لحزب الله وحركة "حماس". بأي وجه سيقابل [الرئيس] بشار الأسد الناس إذا منح إسرائيل وعداً كهذا ثم تعرضت المحادثات لأزمة كما حدث في الجولات السابقة كافة؟ علاوة على ذلك فإن سورية تعتبر هذا الطلب عجرفة، وتقول: لستم أنتم من سيحدد دائرة أصدقائنا.
•حقيقة الأمر هي أن الطرفين لا يشعران بأن هناك أمراً ملحاً، فإسرائيل مرتاحة في الجولان، وجيشها قوي، والتهديد الذي يأتيها من دمشق محدود. ولدى سورية هموم أشد إلحاحاً، إذ تقلقها المشكلة اللبنانية والفوضى العراقية وتواجه مقاطعة دولية.
•بعد ثلاثة أعوام من الانسحاب الفاشل من غزة سيكون من الصعب فرض انسحاب إضافي على المجتمع الإسرائيلي، حتى لو جلب السلام والأمن. ما هو الأفق الماثل أمامنا إذن؟ سلام بارد كما وعد الأسد في خطابه يوم السبت؟ ستجري مياه كثيرة في نهر بانياس قبل أن يتجرأ رئيس الحكومة الإسرائيلية على اقتلاع مستوطنات إسرائيلية من الجولان في مقابل اتفاق سلام بائس.