من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•أجرى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الدولة رؤوفين ريفلين سلسلة اتصالات هاتفية مع وزراء وأعضاء كنيست من اليمين بينهم عضو الكنيست ميري ريغيف، وأوري أريئيل، وطلبا منهم تخفيف لهجة تصريحاتهم بشأن الحرم القدسي الشريف. وجرت اتصالات التهدئة هذه في ضوء الأزمة الخطيرة مع الأردن والسلطة الفلسطينية، وعلى خلفية الوضع في الحرم بعد هجوم الدهس الذي نفذه مخرب فلسطيني أول من أمس، مما تسبب بمقتل الضابط في حرس الحدود جدعان أسعد.
•لكن تدخل نتنياهو جاء متأخراً جداً، فالتقدير بأن التوتر حول الحرم يمكن أن يتحول إلى عنف في الشارع موجود منذ أكثر من سنة. واستناداً إلى شخص شارك في المداولات الحساسة التي عالجت هذا الموضوع في السنوات الأخيرة، فقد جرى تحذير رئيس الحكومة والوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية أكثر من مرة شفهياً وكتابياً من جانب رؤساء الاستخبارات بأن خطراً ما بدأ يتطور في الحرم القدسي نتيجة تزايد الاستفزازات المسيئة من جانب الوزراء وأعضاء الكنيست من اليمين، إلى جانب تدخل مجموعة من الأطراف في الجانب الفلسطيني مثل السلطة و"حماس" والحركات الإسلامية في إسرائيل.
•لقد أظهرت الحكومة الإسرائيلية على هذا الصعيد ضعفها المطلق. والخط الحذر والمسؤول الذي انتهجه رئيس الحكومة أثناء الحرب الأخيرة على غزة لم يجر انتهاجه في ما يتعلق بالقدس. ومنذ تشكيل الائتلاف الجديد قبل سنة ونصف السنة، حدث ارتفاع ملحوظ في عدد زيارات أعضائه إلى الحرم القدسي، ولم يقتصر الأمر على أعضاء كنيست هامشيين.
•وعندما يتسابق الوزير أوري أريئيل ونائبة الوزير تسيبي حوتوفلي ونائب الوزير موشيه فايغلين ورئيسة لجنة الداخلية ميري ريغيف لإعطاء التصريحات التي تهدف إلى إرضاء النواة الصلبة من الناشطين، فإن الفلسطينيين يرون في ذلك مؤامرة حكومية تهدف إلى خرق الوضع القائم في ما يتعلق بصلاة اليهود في الحرم القدسي. وهذه الادعاءات هي التي دفعت الأميركيين والأوروبيين أكثر من مرة إلى إرسال ديبلوماسييهم إلى الشرق الأوسط لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل تدخل سراً تغييرات على الحرم. وحتى الشرطة جرّاء الضغط السياسي والعجز الحكومي خففت إلى حد ما من القيود المفروضة على زيارة اليهود إلى الحرم، وساهمت بصورة غير مباشرة في تصعيد التوتر.
•وهذا الأسبوع، وفي ضوء المناشدات من الأردن والمجتمع الدولي، عاد رئيس الحكومة ليكرر بأن إسرائيل ليست بصدد تغيير الوضع القائم. لكن بعد يومين قامت حوتوفلي بزيارة الحرم ودعت إلى تغيير الوضع القائم. وبالنسبة إلى الأردنيين والفلسطينيين، فإن نائبة وزير تتحدث باسم الحكومة. ولن تنفع كل التفسيرات الإسرائيلية لأن نتنياهو نفسه وضع موضوع القدس في صدارة خطاباته، وهذا دليل آخر على اقتراب المعركة الانتخابية، وعلى أن رئيس الحكومة، مثلما فعل سنة 1996، سوف يستند في حملته على فكرة أنه الوحيد الذي سيمنع تقسيم المدينة.
•يعتبر الحرم القدسي بسبب الحساسية الدينية القوية التي يثيرها، الموضوع الوحيد القادر على إثارة الفلسطينيين وتوحيدهم في القدس الشرقية والضفة الغربية ودفعهم إلى الكفاح ضد إسرائيل. واستناداً إلى تقرير نشرته "هآرتس" بالأمس، ترى الشرطة أنه لا يمكن التغلب على التصعيد بواسطة القوة فقط، وأن نشر آلاف من رجال الشرطة في المدينة قد ينجح جزئياً في وقف المواجهات ومحاولات الهجوم، لكن إعادة الهدوء لفترة طويلة من الزمن تتطلب تحركاً سياسياً يجب أن يستكمل بخطوات اقتصادية، فالأزمة الاقتصادية الحادة التي تعانيها الأحياء الفلسطينية كلما ابتعدنا عن غرب المدينة تتطلب معالجة جذرية من الحكومة ومن البلدية.
•لكن في الوقت الراهن، فإن جميع الوزراء يفضلون التشاجر مع رئيس السلطة محمود عباس. إن الردود الحادة للسلطة ترتبط بصورة أساسية بالمشاعر القوية التي تسود الجمهور الفلسطيني، وأيضاً بصراع القوى في مواجهة "حماس" والأردن. كما أن استدعاء الأردن سفيره في إسرائيل، وهو ما جرى برغم المساعدة الاستخباراتية والأمنية الواسعة النطاق التي تقدمها إسرائيل له، جاء استناداً إلى وسائل الإعلام الأجنبية على خلفية تخوف العائلة المالكة من انعكاسات القتال في سورية والعراق.
•لقد أكثر نتنياهو في الأشهر الأخيرة من الثناء على التنسيق الاستراتيجي الذي نشأ بين إسرائيل وعدد من الدول السنية المعتدلة مثل مصر والأردن وعلى التوصل إلى تفاهمات سرية مع السعودية ودول الخليج. إن استمرار العنف في القدس ينطوي ليس فقط على خطر نشوب انتفاضة ثالثة، إنما أيضاً من شأنه أن يزعزع التحالفات الاستراتيجية التي أقامتها إسرائيل بجهد كبير في ظل الاضطرابات في العالم العربي.
•وليس صعباً معرفة ما الذي يدفع بالمخربين في القدس الشرقية إلى الهجوم على محطات القطار الخفيف التي تعرضت للمرة الثانية خلال أسبوعين إلى هجوم، فالقطار بمثابة رمز جديد للتوحيد القسري للمدينة، وهو مشروع طموح وظفت فيه إسرائيل مئات ملايين الشيكلات. وعندما بدأ العمل بالقطار كان هذا إيذاناً بفترة نهوض في القدس وعودة السياح والزوار الإسرائيليين إلى المدينة بعد الانتفاضة الثانية وسنوات الإهمال خلال فترة ترؤس إيهود أولمرت وأوري لوفليانسكي بلدية القدس.
•يشكل القطار الخفيف هدفاً سهلاً ومريحاً. واستناداً إلى عائلة إبراهيم العكاري، عنصر "حماس" الذي قُتل أول من أمس بعد حادثة دهس الضابط في حرس الحدود أسعد، فقد خرج ابنهم من المنزل غاضباً بعد مشاهداته على التلفزيون المواجهات في الحرم القدسي. وعندما رأى مجموعة من حرس الحدود تنتظر في محطة القطار قام بدهسهم. وبذلك تحول خط القطار السريع في هذه الأيام إلى فخ قاتل. وكما يظهر بوضوح لدى مشاهدة الأشرطة التي صورتها الكاميرات للهجوم، فمسار القطار قصير وخال وليس هناك مخرج للهرب في اللحظة التي يقرر فيها سائق ما التقدم بسرعة كبيرة. لذا فجميع الركاب الذين كانوا يقفون إلى جانب الخط لدى هجوم العكاري أصيبوا.