هل من سبيل لتحقيق الاستقلال الاقتصادي خارج إطار الرعاية الأميركية؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•تعتبر المعطيات الاقتصادية في إسرائيل، عشية عيد ميلادها الستين، إيجابية للغاية. فقد بلغت نسبة النمو الاقتصادي نحو 5%، للعام الخامس على التوالي، كما بلغ الناتج القومي للفرد 25 ألف دولار. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت نسبة البطالة إلى 6,5%، وتعززت قيمة الشيكل في مقابل الدولار. وانخفضت نسبة الفائدة العامة، بل أصبح لدينا فائض في ميزان المدفوعات. فهل يدل هذا كله على أننا بلغنا مرحلة الاستقلال الاقتصادي؟ وهل حُلّت مشكلاتنا الاقتصادية - الاجتماعية؟

•إن الجواب عن السؤالين المذكورين هو النفي المطلق، إذ لا يزال الحديث يدور على دولة غير مستقرة بتاتاً، من الناحيتين الداخلية والخارجية، وعرضة لمخاطر أمنية كبيرة ومشكلات اقتصادية واجتماعية كثيرة. كما أنها دولة متعلقة، إلى حد كبير، بالعالم، وخصوصاً بالولايات المتحدة. ولذا، لا نزال بعيدين للغاية عن الاستقلال الاقتصادي.

•يكفي أن يهمس رئيس الولايات المتحدة بأنه "سيعيد النظر في علاقات بلاده بإسرائيل"، حتى ينقلب الوضع الاقتصادي الممتاز رأساً على عقب. إن العالم يدرك أن من دون السند الأميركي، فإن إسرائيل سرعان ما تعود إلى حجمها الحقيقي. كما تدرك إسرائيل نفسها أنه لولا الفيتو الأميركي في مجلس الأمن لكان فرض عليها عقوبات اقتصادية منذ مدة طويلة، على غرار جنوب إفريقيا، بسبب سلطة الاحتلال في الضفة والقطاع. كما تدرك أن من دون المساعدات الأميركية فليس في إمكانها أن تحتفظ بجيش كبير وأن تزوده بالأسلحة اللازمة.

•غير أن إسرائيل بعيدة عن الاستقلال الحقيقي بسبب مشكلات داخلية أيضاً، من أهمها مشكلة الفجوات الاجتماعية، التي تعتبر الأكثر مركزية. فعلى الرغم من نسبة النمو الاقتصادي العالية، خلال الأعوام الخمسة الفائتة، فإن نسبة العائلات التي تعيش تحت خط الفقر بقيت 20%، معظمها من العرب والحريديم [اليهود المتدينون المتشددون].

•هناك مشكلات أخرى لا تقل أهمية، مثل جهاز التعليم، وانعدام الاستقرار السياسي، وحجم القطاع العام. ولعل الأهم من ذلك كله هو العبء الأمني الهائل. إن ميزانية الأمن الإسرائيلية كبيرة وتشكل عائقاً، ومن المتوقع أن تزداد في غضون الأعوام المقبلة.

 

•إن التهديدات الخارجية، التي تواجه إسرائيل من جانب إيران وسورية وحزب الله والفلسطينيين، تؤدي إلى مناخ من عدم الثقة، وإلى الخوف الدائم من المستقبل، ونتيجة ذلك هي تقليص الاستثمارات والإضرار بالنمو الاقتصادي. لذا فإن هذا النمو وسائر إنجازات إسرائيل الاقتصادية غير مستقرين، ومن شأن هبوب أي رياح إقليمية أن تبددهما. وإذا لم توقِّع إسرائيل اتفاقيات سلام إقليمية، تشمل سورية والفلسطينيين، فليس في إمكاننا القول إننا حققنا استقلالنا الاقتصادي.