•استيقظنا في الأيام الماضية على واقع جديد: علم الجهاد الأسود يرفرف على امتداد الحدود بين إسرائيل وسورية، وأصبح الإسلام المتشدّد القاتل يطرق أبوابنا في جبهة إضافية. إنها اللحظة المناسبة للتساؤل عما كان سيكون عليه حال إسرائيل لو أننا أصغينا لجماعة اليسار الإسرائيلي التي طالبت على امتداد سنوات، بالتخلي عن هضبة الجولان لمجرد أحلام طوباوية حول اتفاق سلام مع سورية.
• قبل بضعة أعوام فقط، في كانون الأول/ديسمبر 2006، تظاهر نشطاء حركة "السلام الآن" أمام مكتب رئيس الحكومة آنذاك، إيهود أولمرت، دعماً للسلام مع سورية. وحمل النشطاء لافتات كتب عليها الشعارات التالية: "أولمرت، الأسد ينتظر منك اتصالاً" أو "الأسد في انتظار أولمرت". لقد أراد النشطاء تشجيع تقديم تنازل إسرائيلي عن هضبة الجولان في مقابل اتفاق مع الدكتاتور السوري. وسرعان ما انضم إليهم جنرالات متقاعدون ومحللون وشخصيات أمنية قالوا ما يلي: "إذا لم نصنع السلام مع سورية سريعاً- سيحاول بشار الأسد تحرير هضبة الجولان بواسطة الحرب وليس عن طريق السلام".
•انضم رئيس الحكومة أولمرت إلى هذه الجوقة سريعاً، وتكلم قبيل استقالته بحرارة عن فكرة السلام مع الرئيس السوري. وبحسب قوله آنذاك، فقط إن تخلينا عن هضبة الجولان، فإن السلام سيحقق الأمن المطلوب لإسرائيل.
•لقد تسبب سياسيون ومنظمات من اليسار مدعومين بمحللين تابعين لهم، باتفاقات أوسلو قبل 20 عاماً، وكانوا وراء الانفصال عن قطاع غزة قبل تسعة أعوام. ولحسن الحظ، لم ينجحوا في أن يربطوا بهذه السلسلة من الإخفاقات انسحاباً كارثياً من هضبة الجولان. بيد أن هؤلاء الأشخاص لا يعترفون بخطئهم ولا يتمهلون لحظة للتفكير ملياً، بل يواصلون الركض إلى الهاوية، وهذه المرة إلى الأذرع القاتلة لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن. وها نحن نسمع مجدداً كلاماً حول انسحاب سريع من يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وحول الأمن الذي سيجلبه على حد تعبيرهم هذا الانسحاب. ومثل هذا الكلام يعكس عدم المسؤولية في أبشع صورها.
•وهذه الجهات لا تكتفي بإسداء النصائح السيئة لنا حول انسحابات، وإنما تحمل في جعبتها أيضاً حلاً سحرياً يضمن على حد تعبيرهم تنفيذ الاتفاقات مع أبو مازن من خلال نشر قوات أجنبية على الحدود. في غضون ذلك ومثلما تبيّن أخيراً، فإن عناصر قوة الأمم المتحدة على الحدود السورية منهمكون بالهرب إلى داخل أراضي إسرائيل خوفاً من تهديد مقاتلي الجهاد، أو الوقوع في الأسر من دون قتال. وأعلنت الدول المشاركة في قوة الأمم المتحدة أنها ستعيد جنودها إلى بلادهم. ويتضح مجدداً أنه لا يوجد طرف واحد مستعد حقاً للمخاطرة بحياة جنوده من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل وحدودها، وأنه نحن فقط نستطيع ويتوجب علينا القيام بذلك.
•إن الاستنتاج الواجب من التطورات الأخيرة على حدود سورية وقطاع غزة هو أن الاستيطان كمنطلق أساسي للصهيونية كان ولا يزال هو الضمانة للأمن أيضاً. ففي الأمكنة التي جرى فيها الاستيطان والتي تقع تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، وضعنا أفضل بكثير مما هو عليه في الأماكن التي انسحبنا منها والتي دخلها فوراً الإرهاب الإسلامي. مع ذلك وفي ضوء أحداث الأيام الأخيرة تحديداً، يجدر أن نتذكر أنه برغم أهمية متطلبات الأمن، فإن حقّنا في أرض إسرائيل هو الأساس العادل والأخلاقي لوجودنا. وعليه، فإن تعزيز الاستيطان وإحكام القبضة على أرض إسرائيل كلها هما السبيل الوحيد لتقوية إسرائيل أخلاقياً وأمنياً في آن معاً.