صراع بين الأجهزة الاستخباراتية سببه اختلاف التقديرات خلال حرب غزة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•بعد مرور أكثر من أسبوع على وقف إطلاق النار، يدور داخل الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية جدل حاد حيال الحرب في قطاع غزة. ويتمحور الخلاف بين شعبة الاستخبارات العسكرية وجهاز الشاباك بشأن الأحداث التي أدت إلى نشوب الحرب، ويظهر الاختلاف بشأن ما إذا كانت هذه الحرب نتجية خطة مدروسة وضعتها "حماس"، أم هي نتيجة مصادفة. 

•يصور الشاباك الخطوات التي قامت بها "حماس" على أنها كانت هجوماً خطط له الجناح العسكري بدقة، في حين تعتقد الاستخبارات العسكرية أن ما جرى "دينامية تصعيدية" كانت تفضل القيادة الغزاوية وقفها، وهي لم تكن تتوقع نتائجها القاسية.

•ثمة مسألة واحدة تتعلق بالحرب لا خلاف حولها هي أن الجهازين مقتنعان بشهادة من القيادات العسكرية على الأرض، بأن القوات المقاتلة حصلت خلال الحرب على معلومات استخباراتية عسكرية ذات نوعية عالية سهلت ضرب الخصم وأنقذت حياة الجنود. وأن التعاون بين الاستخبارات العسكرية والشاباك ومختلف الأجهزة الاستخباراتية الأخرى جرى بصورة جيدة وسريعة.

•أما الخلافات الاستخباراتية التي برز جزء منها أيضاً أمام أعضاء المجلس الوزاري المصغر وأدت الى توترات شخصية بين كبار المسؤولين في الاستخبارات العسكرية والشاباك، فتتعلق بثلاثة مجالات أساسية: نوعية المعلومات الاستخباراتية التي كانت لدى إسرائيل بشأن مشروع "حماس" الضخم للأنفاق الهجومية؛ تحليل نيات الحركة في ما يتعلق بشن الحرب؛ والتقديرات بشأن مدى تصميمها على مواصلة القتال 50 يوماً.

•في ما يتعلق بالمسألة الأولى، فإن موقف الاستخبارات العسكرية مغطى بالكامل ومن الصعب توجيه الاتهامات إليه. أما في ما يتعلق بالمسألتين الأخريين فالوضع أكثر تعقيداً، وثمة انتقادات يوجهها وزراء كبار إلى سلوك الاستخبارات العسكرية.

•الأنفاق. في الأسبوع الأول للحرب لم يُذكر خطر الأنفاق الهجومية تقريباً في إسرائيل. وتمحور النقاش الإعلامي كله حول إطلاق الصواريخ من القطاع. في 15 تموز/يوليو وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار الذي اقترحته مصر، وكانت تعرف يومها بوجود أكثر من 30 نفقاً هجومياً نحو ثلثها أو نصفها (وهنا يبرز الفارق في التقديرات بين الجهازين) محفور تحت السياج ويصل إلى داخل أراضي إسرائيل. رفضت "حماس" وقف إطلاق النار، وبعد يومين أرسلت 13 مخرباً من وحدات النخبة عبر نفق هجومي بالقرب من كيبوتس صوفا. وشوهد المخبرون لحظة خروجهم من فوهة النفق وقُصفوا من الجو. حينها اتضح الخطر الكامن في الأنفاق. ووافق المجلس الوزاري في تلك الليلة على عملية برية في القطاع تركزت على تدمير 32 نفقاً هجومياً على عمق نحو ثلاثة كيلومترات من الحدود. واصطدم الهجوم بمقاومة فلسطينية شرسة قُتل خلالها 65 ضابطاً وجندياً. 

•لقد كان لدى الاستخبارات العسكرية والشاباك معلومات كثيرة وتفصيلية عن الأنفاق. ومنذ بداية سنة 2013 جرى تقديم تقرير إلى رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورؤساء الأجهزة الأمنية، محدّث وواسع يحدد جميع الأنفاق الهجومية المعروفة ومسار كل واحد منها. وعندما بدأت الحرب كان الجيش يعرف إلى حد ما، ما هي الأنفاق التي يتعين عليه معالجتها. وطُرح خطر الأنفاق أكثر من مرة للنقاش مع رئيس الحكومة الذي عيّن طاقماً برئاسة مستشار الأمن القومي يعقوب مريدرور من أجل معالجة الموضوع. 

•لكن هناك نقطتي ضعف في قضية الأنفاق. الأولى تتعلق بترجمة المعلومات إلى  خطط عملانية، إذ برغم تحذير وزير الدفاع ورئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية وكبار المسؤولين في الاستخبارات العسكرية من خطرها، فإنه لم توضع خطة تنفيذية شاملة وجدية من أجل تدميرها.

•وعندما دخلت القوات إلى القطاع برزت ثغرات كبيرة في العتاد والتدريب والعقيدة القتالية المتعلقة بكيفية معالجة الأنفاق. واضطر الجيش إلى الاستعانة بشركات مدنية، وقام بتدمير الأنفاق بوسائل مرتجلة. من هنا تقديرات يعلون المبالغ فيها بأن المطلوب يوم أو يومين من أجل تدميرها (الأمر احتاج فعلاً إلى أسبوعين ونصف). 

 

•نقطة الضعف الثانية كانت العلاقة بين الاستخبارات والطاقم السياسي. فمما لا شك فيه أن نتنياهو ويعلون كانا على علم بجميع التفاصيل، لكن وزراء المجلس الوزاري المصغر لم يعرفوا شيئاً. وفقط بعد أيام من نشوب الحرب، جرى نقاش جدي للموضوع حيث اكتشف الوزراء أن "حماس" حفرت 30 نفقاً بالقرب من السياج.