من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•بعد نحو شهرين على اندلاع الحرب [على قطاع غزة]، تذكر بنيامين نتنياهو فجأة أن يعلن مصادرة 4000 دونم من الأراضي في محيط غوش عتسيون [في الضفة الغربية]. ماذا حدث بالضبط؟ هل هو ضم للأراضي؟ إنها مصادرة اعتباطية لمنطقة لم يكن لها أي ضلع في حرب "الجرف الصامد". والأراضي مملوكة لقرى فلسطينية. لماذا صادروها؟ هل أراد بيبي [نتنياهو] معاقبة حركة "حماس"؟ لكن هذا لا يهم الحركة كثيراً، ولا سيما أنها منهمكة في إعادة إعمار قطاع غزة، وفي ترميم مكانتها السياسية والعسكرية.
•ماذا يجول في فكر نتنياهو؟ هل يعتقد أنه فلاديمير بوتين الذي يضم أراضي في أوكرانيا - وأنه بذلك يضع إصبعه في عين العالم؟ ماذا يريد حقاً، إغضاب الأميركيين؟ نعم، هوذا نتنياهو الذي تشاجر مع باراك أوباما، وأهان وزير الخارجية جون كيري، وتحدّى الديمقراطيين، وهو لا يلاحظ علامات التعب حيال إسرائيل لدى الجمهوريين أيضاً. وهو يبعث إلى واشنطن الرسالة التالية: "قولوا للرئيس إنه لا يجب أن يملي علينا طريقة تعاملنا مع 'حماس'". نحن أبطال حقاً، ولكنا ارتعشنا من الخوف عندما أوقف أوباما شحنات الصواريخ من طراز "هيل فاير"، بهدف إقناع إسرائيل بعدم قتل النساء والأطفال في قطاع غزة.
•لم يكن هناك ذرة من المنطق السياسي والدبلوماسي لدى بيبي [نتنياهو] في الأشهر الأخيرة. كل شيء يتعلق بشخصية المرء. فهو لا يطرح أي سياسة سوى ما يولّد الغضب وانعدام الثقة. وهو يدير البلاد كما يحدث في تراجيديا إغريقية نهايتها المأساوية معروفة سلفاً. طريقة أدائه مركبة من عدة طبقات: أهداف ذاتية في مرماه، واستفزازات عبثية، وبشكل رئيسي في المجال الذي يستوجب الحذر الشديد: هذه لم تكن حرباً ضد دولة أو حرباً على منطقة محتلة. في المحصلة، كان هدف الحرب ضرب تنظيم إرهابي سيطر على قطاع غزة وما تحتها، والقضاء على القتلة الذين يهاجموننا.
•ومن هنا، هل كانت حرب "الجرف الصامد" ناجحة؟ الشعور السائد هو أننا فوّتنا فرصة، وأننا دفعنا ثمن تعلّم الدرس، وأنه سُفكت دماء غزيرة وبأعجوبة نجت تل أبيب بفضل منظومة "القبة الحديدية" المكلفة جداً. والقول الشهير لـ[الإعلامي وعضو الكنيست السابق] فلاتو شارون: "ماذا فعلتم من أجل البلد؟"، ينطبق على إنجازات "الجرف الصامد"، فقد جلبت حرب لبنان الثانية على سبيل المثال، ثمانية أعوام من الهدوء. وجلبت حرب يوم الغفران [1973] السلام مع مصر. في المقابل، من غير الواضح حتى الآن ما هو إنجاز "الجرف الصامد" عموماً. وإذا لم تكن هناك عملية دبلوماسية إقليمية مكمّلة، أو بشكل أدق اتفاق سلام، سيأتي يوم نقول فيه إن ضحايانا سقطوا هباءً.
•إن أنظار نتنياهو مشدودة نحو الانتخابات المقبلة. بدأ يتعرق من جراء أن أفيغدور ليبرمان ["إسرائيل بيتنا"] ونفتالي بينت ["البيت اليهودي"] يحققان مكاسب سياسية تحت شعار أرض إسرائيل الكاملة [ضمّ الضفة الغربية لإسرائيل]. هذا الانطباع لا يتصل فقط بمصادرة الأراضي، وإنما بالتهديد الذي يشكله الاثنان على نتنياهو.
ويكمن ردّه في التراتبية التي حددها: "أنا ووزير الدفاع قررنا [كذا وكذا]". هو، هو وهو فقط في المقام الأول. في السابق، كان يقول وزير الدفاع وأنا، والآن: "أنا ووزير الدفاع". لا شك في الأمر: بيبي هو ملك إسرائيل. هل تعرفون رئيساً للوزراء يصادر صلاحيات وزير الدفاع في حكومته؟ الآن هو أيضاً وزير التربية، ولا يعطي الفضل لأحد. من يعلم؟ لدى تنفيذ المصادرة في غوش عتسيون سيقول أيضاً "أنا ووزير الإسكان".
•توصف مصادرة الأراضي في غوش عتسيون بأنها بمثابة عقاب لمقتل الشبان الثلاثة. لقد تبنّت حركة "حماس" العملية بمفعول رجعي. لكن ردّ نتنياهو جاء متأخراً للغاية، وهو بمثابة سكين في ظهر أبو مازن وأوباما. بعد وقف إطلاق النار ثلاث مرات، ومساعي وقف إطلاق النار التي تنتظر في القاهرة، نجحت حركة حماس على صعيد الرأي العام. سكتت المدافع، لكن هديل حمامة السلام لن يسمع، ذلك أن بوتين الإسرائيلي وضعها في الثلاجة.