الجميع ينتظر موافقة مشعل على وقف إطلاق النار
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إن الحاجة للحصول على موافقة رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" هي العقبة الأخيرة التي تعترض الطريق نحو إعلان هدنة جديدة بين إسرائيل والتنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة. ويبدو أن هذا ما سبق أن شاهدناه أكثر من مرة خلال الشهر ونصف الشهر الأخيرين: تقارير ليلية متفائلة عن قرب التوصل إلى اتفاق وعن حملة ضغوط ضخمة تُمارس على خالد مشعل على أمل موافقته على الاتفاق. وتشارك اليوم في محاولات إقناع مشعل الولايات المتحدة ومصر اللتان تمارسان نفوذهما لدى قطر، الدولة التي تستضيفه، وكذلك السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية الأصغر.

•لقد وُصف اللقاء الذي جرى بين مشعل ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الدوحة نهاية الأسبوع بأنه كان متوتراً وصعباً جداً. فقد أراد عباس مساعدة سكان غزة على الخروج من أزمتهم وإعادة بعض المكانة التي كانت للسلطة في القطاع، لكنه خرج خائب الأمل بسبب العناد الذي يظهره زعيم "حماس". واستناداً إلى معلومات استخبارية إسرائيلية يسود يأس عميق في غزة، فإلى جانب التقديرات المتشائمة بأن غزة تحتاج إلى عشر سنوات من أجل أعادة إعمار ما دمّر منها، هناك من يتهم مشعل بأن رفضه الموافقة على وقف طويل لإطلاق النار تسبب بموجة الاغتيالات الإسرائيلية لمسؤولين كبار في الجناح العسكري للحركة. وعلى ما يبدو، فإن هذه الاغتيالات خلفت فراغاً في القيادة العسكرية التي تجد صعوبة في العمل والتواصل مع سائر الأجنحة في "حماس".

•أما في إسرائيل، فعلى خلفية خيبة الأمل المتوقعة تجاه الحل الذي تجري بلورته، وحيال الطريقة التي نجحت فيها "حماس" في الضغط على نقاط الضعف في الدولة والاقتصاد طوال الحرب، بدأت المعركة السياسية تزداد سخونة، وبدأ شحذ السكاكين استعداداً لليوم التالي لوقف إطلاق النار، وتوجّه جميع الانتقادات إلى نتنياهو.

•لكن إلى جانب العاصفة السياسية المتوقعة، تزداد انتقادات وزراء وأعضاء كنيست من الليكود بصورة خاصة، لأداء الجيش الإسرائيلي خلال الحرب، ومن أهمها تلك المتعلقة بعدم استعداد قيادة الأركان العامة لإعطاء أوامر للقيام بعملية برية كاسحة من أجل إخضاع "حماس".

•لكن في المناقشة التي دارت بشأن الاختيار بين الحسم والاستنزاف، اختارت القيادتان السياسية والعسكرية الخيار الثاني. وما يزال التفكير الغالب أن إسرائيل، على الرغم من تكلفة الاستنزاف، هي الأكثر قدرة على الصمود من "حماس"، وأنه برغم الأضرار التي لحقت بالاقتصاد، فإن "حماس" لم تنجح فعلاً في شل نشاط الدولة شمالي خط أشدود، ولا تصيب الصواريخ مواقع في البنية التحتية الاستراتيجية، ولا يزال مطار بن غوريون يعمل كالعادة، وتسير الحياة في وسط البلد وشمالها كالمعتاد تقريباً.

•بيد أن نقطة الضعف في هذه النظرية هي الشلل المطلق للحياة في بلدات غلاف غزة. فهناك تكفي رشقات من أبسط سلاح تملكه "حماس" وهو قذائف الهاون، من أجل إبعاد نحو نصف سكان المستوطنات عن منازلهم، ولا يستطيع أحد هناك أن يرى كيف ستبدأ السنة الدراسية بعد أسبوع. وخلال الأسابيع الأخيرة برزت انتقادات في وسائل الإعلام لإخلاء نساء وأطفال من المستوطنات، واعتبر ذلك دليل تراجع وخضوع. لكن إسرائيل تصرفت بهذه الطريقة أيضاً في أوقات سابقة في مستوطنات الجليل خلال المواجهات مع منظمة التحرير الفلسطينية، وفي ما بعد في المواجهات مع حزب الله. وقد اعتبر الإخلاء الجزئي خطوة ضرورية في هذه الظروف شرط ألا يستمر طويلاً جداً وأن تحرص الدولة على دعم السكان لوجستياً واقتصادياً.