استراتيجية الردع أفضل من الحسم في ظل عدم وجود تسوية سياسية للنزاع
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•في هذه الأيام التي يجري فيها البحث عن سبيل لإنهاء المواجهات الحالية بين إسرائيل و"حماس"، من المفيد أن نتذكر متى صمد الردع في النزاع الإسرائيلي- العربي وتحت أيّ ظروف، ومتى انهار ووجدت إسرائيل نفسها في خضم حرب استنزاف أو في جولات قتال جديدة.

•اعتمدت إسرائيل منذ أيامها الأولى على استراتيجية الردع في مواجهة الدول العربية. ففي نظرها شكل استخدام الردع إلى حد بعيد بديلاً - ناجحاً بصورة عامة - لعدم القدرة على تحقيق الحسم الاستراتيجي والسياسي في الحروب في مواجهة الدول العربية بسبب القيود الدولية وعدم القدرة على السيطرة على المجال العربي المحيط بنا. وعلى سبيل المثال، تعتبر الفترة الواقعة بين العامين 1957 و1967 بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من سيناء، فترة نجاح واضح للردع الإسرائيلي، ويعود السبب في ذلك، من بين أمور أُخرى، إلى انسحاب إسرائيل من سيناء، وإلى أن الشعور بالإحباط لدى مصر، عدوها الأساسي، كان متدنياً نسبياً.

•في المقابل، وعلى الرغم من انتصار إسرائيل الساحق قي حرب الأيام الستة، وسيطرتها على سيناء وانتشار الجيش في الضفة الغربية وعلى قناة السويس، الأمر الذي أدى إلى شعور الجانب المصري بإحباط شديد، وجدت إسرائيل نفسها خلال وقت قصير في خضم حرب استنزاف مع مصر، وبعد ثلاث سنوات على انتهائها اندلعت حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]. 

•إن استخدام استراتيجية الردع في مواجهة تنظيمات إرهابية أو لادولتية مثل "حماس" في قطاع غزة وحزب الله في لبنان، أكثر تعقيداً وصعوبة من الردع في مواجهة دول. لكن كلما تصرف التنظيم مثل دولة مع مسؤوليات عامة إزاء السكان، تزداد حظوظ نجاح هذا الردع. 

•وفي غياب تسوية سياسية للنزاع، يبقى الردع أفضل استراتيجية مقارنة باستراتيجية الحسم العالية الكلفة، والتي من غير المؤكد نجاحها بصورة عامة. لذا، ففي المواجهات الحالية مع "حماس" في قطاع غزة ومع حزب الله في لبنان، يبقى اختيار استراتيجية الردع أفضل من محاولة حسم المعركة باحتلال قطاع غزة من جديد أو احتلال لبنان. فالتجربة الإسرائيلية في هاتين الحالتين معروفة ولا ضرورة للتذكير بها.

•وفي إطار نقاش الردع، من المفيد تذكير متخذي القرارات بأن الردع هو أداة لإدارة النزاع وسبيل لكسب الوقت من أجل التوصل الى حل سياسي، وليس هدفاً بحد ذاته. فالحل السياسي يشكل تسوية بين مصالح متناقضة من أجل تقليص الاعتماد على الردع كوسيلة وحيدة للحؤول دون نشوب مواجهة جديدة. ولكن يبقى التفوق العسكري الإسرائيلي شرطاً أساسياً في أي تسوية.

•ونودّ أن نضيف إن التخوف من تضرر الردع الإسرائيلي في مواجهة لاعبين آخرين في المنطقة بسبب اختيار إسرائيل إنهاء القتال من دون إسقاط سلطة "حماس"، تخوف لا أساس له من الصحة. فدول أخرى في المنطقة وكذلك حزب الله لن تتحدى إسرائيل بناء على نتائج الاشتباكات في القطاع. وفي الواقع فإن اعتبارات اللاعبين الآخرين تستند إلى مقدار خيبة أملهم من الوضع القائم في مواجهة إسرائيل من جهة، وإلى تقديرات قوة إسرائيل وتصميمها على ضربهم من جهة أُخرى.

 

•وفي الخلاصة، فإن الردع الناجح هو الذي يؤدي إلى عدم استخدام العنف لأطول مدة ممكنة. وتحقيق الردع الناجح في مواجهة "حماس"  يتطلب من متخذي القرارات في إسرائيل التعامل بجدية مع الشعور بالإحباط لدى الخصم حيال شكل انتهاء الجولة الحالية من المواجهات، وعدم النظر إلى التسوية المستقبلية في قطاع غزة على نحو يكون فيه كل إنجاز للفلسطينيين خسارة لإسرائيل.