•اليوم تنهي عملية "الجرف الصامد" يومها الخمسين مع الكثير من التساؤلات بدلاً من الإجابات. فعلى الرغم من استمرار القتال، ليس واضحاً ما سيكون عليه الحل عندما ينتهي، ولا حجم الردع الذي حققته إسرائيل، ولا ما ستكون انعكاسات ذلك على المنطقة وعلى السياسة الإسرائيلية.
•تعتبر مدة الـ50 يوماً فترة طويلة جداً بالمفهوم العسكري، وفي هذه الأثناء ما تزال إسرائيل منقسمة إلى معسكرين: الذين يعتقدون أن العملية حققت نجاحاً كبيراً وأن انجازاتها المستقبلية ستتضح بعد انقشاع غبار المعارك، والواثقون بأن العملية كانت تضييعاً كبيراً للفرصة ستدفع إسرائيل ثمنه غالياً. ينتمي إلى المعسكر الأول قادة العملية نتنياهو- يعلون – غانتس، والقيادة العليا للجيش الإسرائيلي وقيادة الشاباك؛ أما المعسكر الثاني فيضم المعارضين ليبرمان وبينت والصقور في الليكود، وأغلبية المعلقين من خارج المعسكرين.
•إن النظرة العميقة لما جرى تكشف عن الصورة التالية: لا خلاف في أن "حماس" تلقت ضربة قاسية غير مسبوقة، لكنها على الرغم من ذلك نجحت في جر إسرائيل إلى حرب مستمرة ومكلفة جداً (بالدم والمال)، ومثيرة للإحباط بسبب عدم وجود حسم واضح. صحيح أن إسرئيل نجحت في القضاء على معظم خطط "حماس" الهجومية، واقتلعت مخطط الأنفاق الهجومية، لكن أغلبية مناطقها وسكانها لا تزال تحت رحمة هجمات الصواريخ التي لا تنتهي، والتي تسببت في الأيام الأخيرة بتأكل قدرة سكان غلاف غزة على الصمود.
•ويعود هذا بصورة أساسية إلى أن "حماس" هي التي تحكمت في قواعد اللعبة وهي التي تستطيع البدء بإطلاق النار ووقفه. بالأمس، وبعد 50 يوماً، انتظر السكان في القدس قرار خالد مشعل، وفي الواقع، منذ 7 تموز/يوليو كانت إسرائيل تنتظر قبول خالد مشعل اقتراح وقف إطلاق النار.
•من المحتمل أن يرضى مشعل في نهاية الأمر ويتم التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار (ربما بعد بضعة أيام). يقول الإسرائيليون إن "حماس" لن تحصل على مطار ولا على مرفأ، وهم يعلمون أنهم لن يحصلوا على تجريد القطاع من السلاح. وسيتضمن الاتفاق معابر وصيد سمك وهدوءاً لفترة غير واضحة لكنها حاسمة. فإذا تجدد إطلاق النار بسرعة اعتبرت عملية الجرف الصامد فاشلة، أما إذا ساد الهدوء غلاف غزة لمدة طويلة، وترافق ذلك مع منع التنظيمات الإرهابية من إعادة تسلحها، فيمكننا حينئذ الحديث عن عملية ناجحة.