حرب الاستنزاف خطر على إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•في بداية الأسبوع الثامن لـ"لجرف الصامد" تتطور العملية إلى حرب استنزاف، إذ تطلق "حماس" يومياً مئات الصواريخ والقذائف مستهدفة السكان المدنيين في إسرائيل، كما يقوم سلاح الجو الإسرائيلي يومياً بغارات على أهداف تابعة لـ"حماس" في القطاع متسبباً بوقوع خسائر كبيرة وسط السكان المدنيين وسقوط ضحايا أبرياء بالقرب من هذه الأهداف. 

•يرى بعض الخبراء الإسرائيليين أن حرب الاستنزاف أفضل من عملية عسكرية واسعة النطاق تهدف إلى إسقاط "حماس" بالضربة القاضية، وأن هذه الحرب ستنتهي في نهاية المطاف بانتصار إسرائيل.

•أود أن أذكر هؤلاء بحروب الاستنزاف السابقة التي خاضتها دولة إسرائيل. الحرب الأولى فُرضت على إسرائيل في الأشهر الستة التي أعقبت قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، وما لبثت أن تطورت هجمات العصابات العربية إلى حرب شاملة خاضتها أيضاً جيوش مصر والأردن وسورية ولبنان والعراق التي شنت هجوماً على إسرائيل في 15 أيار/مايو 1948. 

•خلال هذه الأشهر الستة دافع اليشوف اليهودي عن بقائه وردّ بكل ما بقي له من قوة على هجمات الجيوش العربية. ووصل عدد القتلى إلى آلاف، ووحده انتصار الجيش الإسرائيلي هو الذي وضع حداً للعداون العربي. 

•حرب الاستنزاف الثانية جرت بعد حرب الأيام الستة، ودارت بصورة أساسية على طول قناة السويس ما بين آذار/مارس 1969 حتى آب/أغسطس 1970، وجُرح خلال هذه الفترة نحو 600 جندي إسرائيلي. في نهايتها وقعت إسرائيل ومصر اتفاقية لوقف إطلاق النار استناداً إلى خطة وزير الخارجية الأميركي آنذاك ويليام روجرز. ووحده انتصار إسرائيل في حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر] سنة 1973 أنهى حالة الحرب التي استمرت بين مصر وإسرائيل عشرات الأعوام.

•لقد كانت حرب الاستنزاف هذه قاسية جداً على إسرائيل. وكان عدد الشهداء كبيراً، كما أثقل القتال المستمر على اقتصاد الدولة. لذا، لا مفر من الاستنتاج أنه إذا أرادت إسرائيل خوض الحرب فيجب أن تكون هذه الحرب قصيرة قدر المستطاع.

•إن خطوط الجبهات الحالية لم تعد كما كانت في الماضي مأهولة بالجيش الإسرائيلي، بل بالسكان المدنيين. وبرغم كل الثناء الذي يستحقه سكان "غلاف غزة" لاستعدادهم للبقاء في منازلهم في الأسابيع الأخيرة، فمن الواضح أنه يجب ألا يتحملوا هذا العبء فترة طويلة.

•ليس مقبولاً أن تعتبر إسرائيل استمرار حرب الاستنزاف خياراً معقولاً. ونأمل أن نكون قد تعلمنا في نهاية الأمر أنه من المستحيل ردع تنظيمات الإرهاب- سواء كانت القاعدة أو داعش أو "حماس"، ولا حتى حزب الله، برغم كل النظريات التي تقول العكس.

•يستخدم المخربون فترات وقف إطلاق النار من أجل الاستعداد للجولة المقبلة. ومن غير الممكن ردع المخرب الفرد ولا التنظيم الذي أرسله، بل يجب إلحاق هزيمة بالمخربين وتجريدهم من سلاحهم. ولا يمكن تحقيق ذلك بواسطة الهجمات الجوية، كما يجب عدم التورط في حرب استنزاف ضدهم. 

•إذا تقرر عدم شن هجوم بري يستهدف هزيمة "حماس" في القطاع، فإن الخيار الوحيد هو الاستجابة إلى بعض مطالبها كي توافق على وقف إطلاق النار. وإذا قررنا اعتماد هذا الخيار، فإنه يجب أن يكون واضحاً أن فترة وقف إطلاق النار ستستخدمها "حماس" للاستعداد للجولة المقبلة من الهجمات على إسرائيل.

 

•ليس هناك مَن يستطيع نزع سلاح "حماس"، لا الأمم المتحدة ولا مصر ولا السلطة الفلسطينية. لذا، فإن وقف إطلاق النار سيحضّر الساحة للجولة المقبلة من القتال.