من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•"هنيبعل" هو الاسم السرّي (code name) الذي أطلق على بروتوكول اعتمده الجيش الإسرائيلي في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. ويحدد هذا البروتوكول قواعد التصرف الفوري للقيادة العسكرية الميدانية في حال وقوع جندي إسرائيلي في الأسر. اعتُمد هذا الإجراء في الظروف الخاصة بجنوب لبنان، وفي إطار القتال في مواجهة مقاتلي حزب الله. وأثار هذا البروتوكول خلال السنوات الثلاثين الماضية نقاشاً عاماً ذا أبعاد أخلاقية بشكل أساسي. ويقتضي التطبيق الضمني لهذا البروتوكول المناقض لصياغة البروتوكول نفسه، القيام بما يمكن فعله لإحباط عملية الاختطاف، ومن ضمن ذلك إطلاق نيران على الخاطفين قد تصيب الجندي الأسير أيضاً. وبكلام أقل دبلوماسية، الوصف الملائم لتفسير البروتوكول هو التالي: "الجندي القتيل خير من الجندي الأسير".
•تكمن أهمية بروتوكول هنيبعل في الردّ الفوري للقوة العسكرية المنتشرة في مكان الحادثة. وهو يرتكز على فرضية أن كل تأخير في الردّ يفضي إلى أمر واقع، وإلى عدم القدرة على إحباط عملية الأسر. وهذا ما يفسّر أيضاً بموجب البروتوكول، نقل صلاحية الردّ من القيادة إلى الوحدة العسكرية في مكان الحادثة، وأحياناً تطبيق البروتوكول من قبل قائد ميداني لا يحمل رتبة ضابط.
لا أعلم إذا كان هذا البروتوكول قد طُبّق في جنوب لبنان إبان الأعوام التي سبقت انسحاب الجيش الإسرائيلي منه وتمركزه جنوبي خط الحدود [الشمالية]. في تلك السنوات وحتى شهر أيار/مايو من العام 2000، ثَبَت البروتوكول في ظروف القتال الخاصة بجنوب لبنان، في وقت شهدت الساحة قتالاً مستمراً، وكان لبنان لا يزال غارقاً في حرب أهلية طويلة. وكان تطبيق البروتوكول في جنوب لبنان قليل الأهمية ومن دون تداعيات سياسية- دولية.
•وخلال السنوات الـ14 التي تلت انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، ظل تطبيق البروتوكول ساري المفعول. ولكن في كل ساحة من الساحات المعرّضة لعمليات خطف جنود، ولا سيما إذا طبق رداً على عملية الخطف بروتوكول هنيبعل، ستكون الساحة عرضة إلى تصعيد وإلى تعقيدات لا يريدها أحد.
•ومنذ ذلك الحين، وقعت ستة حوادث طُبّق أو كان من المفترض أن يُطبّق رداً عليها، بروتوكول هنيبعل، وهي التالية:
أ-اختطاف ثلاثة جنود في جبل دوف [مزارع شبعا] في تشرين الأول/أكتوبر 2000. فقد حاولت قوات الجيش الإسرائيلي تأخير القوة الخاطفة بواسطة إطلاق قذائق الدبابات والراجمات، وتمشيط ومهاجمة مواقع حزب الله القريبة. لكن هذا لم يمنع عملية خطف الجنود الثلاثة.
ب-خطف جلعاد شاليط على حدود قطاع غزة في حزيران/يونيو 2006. طُبّق بروتوكول هنيبعل بشكل متأخر ولم تكن له فائدة عملية.
ج- عملية خطف جنديين على الحدود مع لبنان في تموز/ يوليو 2006. طبق بروتوكول هنيبعل، فتوغلت دبابة إسرائيلية وناقلة جند مدرعة داخل لبنان وطاردتا الخاطفين. وأدى هذا التورط إلى حرب لبنان الثانية.
د - خطف ثلاثة شبان عند تقاطع [مستوطنة] غوش عتسيون في 12 حزيران/يونيو 2014. جرى الإبلاغ عن العملية في وقت متأخر، ولم تكن هناك قوات إسرائيلية في المكان، ولم يطبق البروتوكول.
ه- في إطار عملية "الجرف الصامد"، في 20 تموز/يوليو [2014] أصيبت ناقلة جند مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي. وقتل على ما يبدو الرقيب أول أورون شاؤول الذي كان داخلها، وأخذ مقاتلو حركة حماس جثمانه. لم ينفذ بروتوكول هنيبعل.
6- في إطار عملية "الجرف الصامد"، في الأول من آب/أغسطس 2014، أُخذ جثمان الملازم هدار غولدِن خلال الاشتباك في منطقة رفح. طُبّق بروتوكول هنيبعل، فأطلقت قوات الجيش الإسرائيلي النيران بكثافة، وألحقت العديد من الإصابات وأضراراً كبيرة بمنطقة رفح.
•في هذه الحالات الست المذكورة أعلاه، وخلال 14 سنة مضت على الخروج من لبنان، لم ينجح بروتوكول هنيبعل حتى عند تطبيقه في إحباط أيّ عملية خطف. ويبدو أنه على الرغم من نيات صائغي البروتوكول الحسنة، فإن فرص نجاح البروتوكول في إحباط عمليات الخطف قليلة جداً. في المقابل وعلى حد علمي، لم يُناقش هذا البروتوكول على المستوى الحكومي قبل إقراره منذ ثلاثين عاماً، ولم تُدرس الانعكاسات السياسية- الاستراتيجية لتطبيقه من دون رقابة. وفي الحالتين التي طُبق فيهما البروتوكول، قررت قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي شكل الردّ الذي أدخل الدولة في حرب لبنان الثانية ووضع الحكومة أمام أمر واقع؛ وفي الحالة الثانية، في قضية الملازم غولدِن، أضرّ تطبيق البروتوكول والردّ القاسي بعلاقات الدولة الخارجية، مما تطلب تبريراً لهذا التصرف أمام الجهات الدولية ومواجهة تحقيقات لا تنتهي.
يبدو الاستنتاج واضحاً: ينبغي إلغاء بروتوكول هنيبعل والتفكير في إجراء بديل. فائدة البروتوكول مشكوك فيها، في حين أن ضرره كبير.