يجب إعادة الحرارة إلى علاقاتنا بأميركا
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•أوباما: "أطلب من إسرائيل الموافقة على وقف إطلاق نار من طرف واحد فوراً، وأن توقف جميع عملياتها الهجومية خاصة من الجو". نتنياهو: "على ماذا تحصل إسرائيل في المقابل؟". أوباما: "أعتقد أن حماس ستوقف إطلاق الصواريخ، هدوء مقابل هدوء". نتنياهو: "لقد خرقت حماس خمسة اتفاقات سابقة لوقف النار، وهي تنظيم إرهابي ينوي تدميرنا". أوباما: "أكرر وأنتظر من إسرائيل وقف عملياتها العسكرية كلها من جانب واحد، فصور الدمار في غزة تبعد العالم عن موقف إسرائيل". نتنياهو: "اقتراحاتكم غير واقعية وتمنح حماس تفوقاً". أوباما: "الكرة في مرمى إسرائيل، وعليها وقف جميع عملياتها العسكرية".

•هذه هي المحادثة التي جرت بين أوباما وبيبي كما نشرت للمرة الأولى في القناة الأولى. 

•وعلى الرغم من تكذيب الإدارة لحدوث هذه المكالمة، وحتى لو لم تكن دقيقة كلمة بكلمة، فإن لهجتها واضحة. فالأجواء المتكدرة بين الزعيمين هي من الإنجازات الاستراتيجية لـ"حماس".

•وفي الواقع، إن تحريض بيبي الكونغرس ضد انتخاب أوباما لولاية ثانية، ينعكس اليوم في العلاقة الحالية بين الرئيسين. فالرؤساء بشر وحبّهم لذواتهم يجعلهم لا ينسون شيئاً. وما يزال قدامى اتفاق كامب ديفيد يتذكرون كيف هدد بيغن في إحدى أصعب اللحظات في المحادثات بالعودة إلى بلاده. يومها، حذره الرئيس كارتر في حديث بينهما من أنه إذا فجر المحادثات فسيكون عليه تحمل النتائج، وقال له: "وأيضاً لن يكون لكم [مفاعل] ديمونا".

•تعيش دولة إسرائيل أصعب ساعاتها من دون ديبلوماسية، ومع وزير خارجية يميني متطرف، ومع حكومة يغلب عليها التشدد وليس فيها أي اندفاع نحو تسوية سلمية. في مثل هذه الأجواء السياسية نشأت حركة هدفت إلى إحباط تحرك جون كيري خوفاً من نجاحه في مهمته السلمية. قالوا عنه إنه لا يفهم شيئاً في الأمور العسكرية، وإنه لم يخدم في الجيش قط. وكل هذا مجرد افتراء، فكيري قام بخدمته العسكرية وسُرّح من الخدمة وهو حاصل على مجموعة من الميداليات. 

•شعر كيري في النهاية بالمهانة وغادر المنطقة. لكن وفاء منه لرئيسه ولمصالح هذا الرئيس، ها هو يعود مجدداً. قد لا يكون ساحراً مثل كيسنجر، لكنه ليس شخصاً أهبلاً كما يُصوّر. فهو يدرك تماماً سبب هجومنا على "حماس"، لكنه يعرف أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تقف موقف المتفرج أمام الخسائر الكبيرة والدمار الذي لحق بالسكان المدنيين. وهو من جهة أخرى يريد استغلال الأحداث من أجل تقوية أبو مازن زعيماً لجميع الفلسطينيين. 

•علينا ألا ننسى أنه منذ استلام أوباما منصبه حرص بانتظام على أمن إسرائيل، وأن الدعم المالي الأميركي قد ازداد. فالأميركيون هم الذين مولوا القبة الحديدية، ويمولون العصا السحرية [المنظومة الاعتراضية للصواريخ المتوسطة المدى] وصاروخ حيتس. هذا بالإضافة إلى الأسلحة التي يخزنونها في إسرائيل ويسمحون لها باستخدامها عند الضرورة. وخلال ولاية أوباما لم يصدر تنديد واحد في الأمم المتحدة ضد إسرائيل. لكن هذا ليس شيكا مفتوحاً.

•هل أخطأت إسرائيل بخوضها هذه الحرب؟ كلا. وهل قدرت أن نتائجها ستبدو كما هي عليه اليوم؟ كلا. إن الدعم العالمي آخذ في التراجع، فالبريطانيون يتهموننا بجرائم حرب، وحتى ألمانيا تقول لنا كفى. وأصبح من الصعب تجاهل منظر الدمار في غزة، ومشهد المنازل المهدمة وصور عائلات بأكملها مع أطفالها وشيوخها وهي تتنقل بين الأنقاض. 

 

•ما يزال الكبار بيننا يتذكرون حرب لبنان الأولى [سنة 1982] التي وصفها بيغن بأنها حرب عادلة ولها ما يبررها، لذا من المهم أن تكون قيادتنا السياسية تعرف ماذا تفعل، وإلى أين تتوجه، وهل بعد هذه الحرب ستصبح غزة شريكة في عملية استئناف المفاوضات. وقبل كي شيء من المهم جداً إعادة الحرارة إلى علاقتنا بأميركا.