إعادة الانتشار على خط الحدود مع غزة خطوة صحيحة
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

•بدأ الجيش بتقليص قواته في قطاع غزة. وما إن تستكمل مهمة تدمير الأنفاق القليلة الباقية، فإن الجيش سينشر في منطقة الحدود قوات أقل بكثير مما كان عليه حجمها على طول السياج قبل العملية البرية، وسوف تنتشر القوات على خط دفاعي أكثر أماناً ولن تكون على تماس مع المنطقة المبنية في القطاع، أي ما بين السياج ومنطقة فتحات الأنفاق التي انسحبت منها.

•يجب ألا ننسى أن قرار المجلس الوزاري لدى بدء العملية البرية كان واضحاً: تدمير البنية التحتية للأنفاق لا أكثر. وجرى تحديد نطاق العملية جغرافياً بحيث تقتصر على مناطق فتحات الأنفاق الهجومية التي تتوجه نحو أراضي إسرائيل، وتحديد هدفها بـتدمير هذه الأنفاق. والآن بعد تدمير الأنفاق التي جرى العثور عليها وفي ظل عدم وجود معلومات عن أنفاق جديدة- تكون العملية البرية حققت هدفها، ولا فائدة بالتالي من الاحتفاظ بقوات في مناطق احتكاك لا تعود بفائدة حقيقية على الجيش الإسرائيلي.

•هذا من وجهة النظر الرسمية والتكتيكية. لكن هناك وجهة نظر أخرى أكثر أهمية تتعلق بالمراحل المقبلة للمواجهة في عملية "الجرف الصامد".

•ليس سراً أن أغلبية القوات النظامية للجيش هي التي قامت بالعبء الأكبر للعملية البرية التي انتهت الآن، وهي التي ستتولى تنفيذ عملية برية واسعة النطاق في حال تقرر القيام بها. من هنا، فعلى مستوى الإعداد، كان صحيحاً إخراج هذه القوات كي تستعيد نشاطها، ومن أجل استكمال مخزون السلاح، وتوفير قسط من الراحة. فإذا أرادت إسرائيل احتلال غزة كلها أو جزء منها، فإن هذه القوات يجب أن تنطلق إلى المعركة وهي في كامل قوتها، لأنها ستكون عملية طويلة جداً. 

•وفي الواقع، فإن المشكلة لا تكمن في الاحتلال والسيطرة على نقاط مفصلية في القطاع، فهذا الأمر يستطيع الجيش أن يقوم به خلال وقت قصير، لكنه سيضطر بعد ذلك إلى تطهير غزة من السلاح ووسائل تصنيعه واعتقال العناصر الإرهابية، وهذا لا يمكن القيام به خلال أسابيع بل يتطلب أشهراً. علاوة على ذلك، فمن أجل معالجة جميع الأنفاق في وقت واحد وبسرعة، نشر الجيش قواته على طول الجبهة، وهذا ليس هو الانتشار الأفضل لعملية واسعة في غزة. ومن أجل هذه الغاية كان يجب إعادة هذه القوات إلى الوراء وإعدادها من جديد بما يتلاءم مع هذه العملية، وبالتأكيد ليس على طول خط التماس.

•هذان السببان كافيان لتوضيح لماذا كان صحيحاً إخراج معظم قوات الجيش من المنطقة التي كانت فيها مداخل الأنفاق.

•ثمة احتمالات أخرى لمواصلة العملية بصورة لا تؤدي بالضرورة إلى احتلال واسع لقطاع غزة على الرغم من أنه من الأفضل المحافظة على هذا الخيار وجعله قابلاً للتنفيذ خلال ساعات أو أيام. فهناك احتمال يستند إلى تضاؤل قدرة "حماس" على المسّ بمواطني دولة إسرائيل في ضوء إنجازات القبة الحديدية، وهذه القدرة ستتضاءل أكثر في المستقبل القريب عندما ستنفد الصواريخ والقذائف التي في حوزتها (في تقديري بقي لدى "حماس" نصف أو ربع ما كان لديها عند بداية القتال).

•وفي إمكان إسرائيل مواصلة جمع المعلومات الاستخباراتية من أجل زيادة إلحاق الأذى "بحماس" واستمرار تكبيدها خسائر في مقاتليها وبنيتها التحتية. وعندما لا يكون الجيش الإسرائيلي على احتكاك مباشر مع الحركة، فإن عدد إصاباته سيكون أقل بكثير. وفي الوقت الذي سيكون بصدد الإعداد للخيار الأول [احتلال القطاع]، بإمكانه أن يواصل ضرب "حماس" بوسائل دقيقة من جميع الاتجاهات. ومما لا شك فيه أن إسرائيل في الوضع الحالي تملك نفساً أطول بكثير من "حماس" وقدراتها لم تتضرر البتة، بعكس قدرات الحركة الآخذة في الاضمحلال ولا تعرف من أين يمكن أن تستبدلها.

•ما يمكن قوله إنه سواء بالنسبة للذين يريدون حل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، أي احتلال غزة لاعتقادهم بعدم وجود حل آخر للمشكلة، أو بالنسبة إلى الذين يريدون تسوية مستقبلية تؤمن الهدوء لوقت طويل حتى لو اضطررنا إلى مواجهة "حماس" مرة أخرى، فإن إخراج الجيش إلى خط مريح أكثر خطوة صحيحة، وتوسيع العملية من الخطوط التي كان ينتشر فيها الجيش خطأ كبير من الجيد أنه لم يحدث.

•هناك مشكلة من المهم جداً معالجتها الآن من أجل تخفيف الضغط الذي سيزداد كلما ازدادت حدتها، هي المشكلة الإنسانية. وهذه مشكلة حقيقية لأن "حماس" تنتشر وسط المدنيين وتتحرك وسطهم، مما تسبب بإصابة كثيرين منهم في إطلاق النار وفي تفجير منصات إطلاق الصواريخ والقيادات ووسائل تصنيع السلاح ومخازن السلاح الصاروخي. من المحتمل أن يصل عدد القتلى إلى 2000، وحتى الآن لم يتضح عدد قتلى أنصار "حماس" في المعارك مع قواتنا. وقد يصل الجرحى إلى آلاف، وسيكون عدد اللاجئين الذين دمرت منازلهم كبيراً جداً. وهذه كارثة كبيرة سببتها "حماس" لشعبها، ومن غير المناسب أن تتجاهلها إسرائيل.

 

 

المزيد ضمن العدد 1945