من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•بالأمس بدا أن الحرب البرية على غزة على وشك الانتهاء بعد استكمال معالجة 31 نفقاً هجومياً، آخرها النفق الذي جرى العثور عليه في القطاع وبواسطته حاول عناصر "حماس" خطف الضابط هدار غولدِن يوم الجمعة الماضي.
•كما واصل الجيش الإسرائيلي بالأمس تقليص حجم قواته في القطاع وتجميع الوحدات الباقية في مواقع دفاعية في هضاب غربي السياج الحدودي داخل المنطقة الفلسطينية. وستكون مهمة تلك القوات في الأيام المقبلة حماية السياج المهشم.
•فهل ستكون هذه هي نهاية الحرب كلها؟ الجواب يتعلق بما ستفعله "حماس". ففي تقدير الاستخبارات ما تزال الحركة تملك نحو 3000 صاروخ قصير المدى، وعدداً قليلاً من الصواريخ المتوسطة المدى. فإذا واصلت الحركة إطلاق الصواريخ سترد إسرائيل بهجمات جوية إضافية. ومن ناحية سكان وسط إسرائيل، فإن القصف الذي يتعرضون له هو في الأساس بمثابة إزعاج في ظل النسبة العالية لاعتراض الصورايخ من قبل القبة الحديدية. أما بالنسبة لسكان النقب فالمسألة أكثر خطورة. في هذه الأثناء اختارت إسرائيل الانسحاب من طرف واحد، لكن الطريق نحو اتفاق شامل على وقف لإطلاق النار لا يزال مفتوحاً، وهو يمر بالقاهرة حيث تجري مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين.
•طوال العملية البرية أظهرت استطلاعات الرأي العام تأييداً شعبياً واسعاً لتوسيع العملية. وانضم وزراء إلى هذا الضغط، وأيدهم معلقون وجنرالات سابقون لم يغادروا ستوديوات التلفزيونات طيلة أيام الحرب. لكن رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان أوضحوا أن السياسة الأمنية ليست برامج تلفزيونية، وأن احتلال منطقة مبنية في القطاع لا يخدم المصالح الأمنية. ففي تقدير مسؤول كبير في قيادة الأركان العامة أن مهمة احتلال القطاع يمكن أن تستغرق "عشرة أيام إلى أسبوعين"، لكن بعدها سيحتاج الجيش إلى سنة من أجل توجيه ضربة قاصمة إلى البنية التحتية لـ"حماس". وبحسب قوله لم تكن هذه هي المهمة التي أوكلت إليه.
•لقد كان المطلوب من الجيش استناداً إلى هذا المسؤول توجيه ضربة قاسية إلى "حماس" والجهاد الإسلامي، والقضاء على خطر الأنفاق والحد من المس بالجبهة الداخلية الإسرائيلية. وقد قام الجيش بجميع هذه المهمات. أما استكمال المهمة الرابعة وهي معاجلة سلاح "حماس" (ولا سيما منظومتها الصاروخية) فيعود إلى طبيعة الاتفاق السياسي الذي سيتبلور في حال التوصل إليه.
•وبالأمس برزت مجدداً داخل الجيش الحجة القائلة بأن إسقاط حكم "حماس" كان سيؤدي إلى نشوء الفوضى وتحول القطاع إلى صومال أخرى حيث لن يكون لدى إسرائيل أي عنوان كي تردعه أو تتوصل معه بصورة غير مباشرة إلى ترتيبات.
•في الأيام المقبلة، سيطلق السياسيون العنان لألسنتهم بعد ضبط النفس الذي فرضوه على أنفسهم عندما كان جنودنا يقتلون في غزة، وسوف يدّعون أنه لولا تردد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والجنرالات لكانت "حماس" هُزمت نهائياً. لكن الذين يقولون ذلك لا يدركون الواقع الأمني القائم في القطاع جيداً. فقد بنت "حماس" منظومة متشعبة تحت الأرض تسمح لها بتوجيه مقاتليها وتدفيع الجيش الإسرائيلي ثمناً باهظاً لاحتلاله غزة. وما تجدر الإشارة إليه أن مدينتي غزة وخان يونس ليستا مثل نابلس ورام الله أيام عملية "الجدار الواقي" سنة 2002. وليس مصادفة أنه بعدما قام الجيش بطلب من نتنياهو بعرض ماذا تعني كلفة احتلال القطاع كله أمام المجلس الوزاري، صار أكثر الوزراء صقرية أكثر هدوءاً.
•في هذه الأثناء بدأت مرحلة استخلاص النتائج والصراع على رواية الحرب. ومن المنتظر أن يقف رئيس الحكومة ووزير الدفاع بوغي يعالون وكبار المسؤولين في الجيش في جبهة موحدة تعتبر أن الحرب حققت نصراً باهراً. فقد كبحت القبة الحديدية أضرار الصواريخ، وجرى تدمير أنفاق الإرهاب (مقابل مقتل 64 ضابطاً وجندياً)، وسوف ترتدع "حماس" عن العودة إلى استخدام العنف لوقت طويل جداً. وهذا هو انطباع قادة الألوية التي قاتلت في جبهات محددة واستطاعت التغلب على العدو في كل مكان واجهته فيه، ونفذت جميع مهماتها.
•ولكن من دون الاستخفاف بهذه الإنجازات، فمن المتوقع أن يكون لقاء هؤلاء القادة مع الجمهور الإسرائيلي صعباً، ولا سيما أن العديد منهم تراودهم شكوك بشأن نتائج الحرب. ومن المحتمل أن يتضح هذه المرة أيضاً أنه في قتال غير متكافئ وفي مواجهة مع تنظيم إرهابي يتحرك وسط السكان المدنيين، يمكن الانتصار في كل معركة، لكن على الرغم من ذلك لا يمكن حسم الحرب.