من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•ثمة أكثر من قاسم مشترك بين بنيامين نتنياهو وعباس. فالاثنان يقولان إنهما يريدان السلام، لكنهما غير مستعدين لدفع ثمنه. والاثنان ينبذان العنف، فنتنياهو على عكس غيره من رؤساء الحكومة الذين سبقوه، لا يحرض على القتال ولا يسارع إلى الضغط على الزناد ولا يميل إلى التورط في حروب غير ضرورية. كما أن عباس على عكس ياسر عرفات، يدرك أن الإرهاب الفلسطيني مضر بالقضية الفلسطينية، وهو يحاول فعلاً القضاء عليه.
•وفي الواقع، فإن الهدوء النسبي الذي ساد إسرائيل- فلسطين خلال سنوات حكم نتنياهو وعباس لم يكن مصادفة، بل هو نتيجة وجود شخصين على رأس حكومة إسرائيل وفي السلطة الفلسطينية يعرفان حقيقة حدود القوة والنتائج المدمرة للاستخدام المفرط لها.
•نتنياهو وعباس ليسا حمامتين بالمفهوم الاستراتيجي إذ لا يجسد أي منهما السلام الشامل، لكنهما إلى حد ما حمائميان بالمعنى التكتيكي، إذ يؤمن كلاهما بأن الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف الوطنية هو الطريقة السياسية.
•من هنا، فإن خطف إيال يفتاح وجيل- عاد شاعر ونفتالي فرنكل شكل بالنسبة للزعيمين الإسرائيلي والفلسطينية تحدياً صعباً. فقد ضُغط على نتنياهو للرد بعنف. أما عباس فقد وقف في مواجهة الدعم الشعبي الواسع- والمقلق- للخاطفين وعملية الخطف. لكن الاثنين حافظا على ضبط النفس، وحاول كل منهما أن يستغل المأساة من أجل تحقيق جدول أعماله. وكالعادة كل واحد منهما شتم الآخر.
•لكن والحق يقال، فإن كليهما تصرف بطريقة تدعو للإعجاب. فإسرائيل- نتنياهو لم تقم بخطوات غير عقلانية؛ وعباس- فلسطين أظهر شجاعة حقيقية عندما وقف بعنف ضد الجريمة البشعة. ومن دون أن يعترفا أمام حكومتيهما وشعبيهما، فقد فعل عباس ونتنياهو في بداية الأزمة ما لم يفعلاه خلال سنوات من المفاوضات، إذ عملا كفريق مسؤول وراشد، وقاما باحتواء الوضع المتفجر ومنعا التصعيد.
•عندما اتضح بعد ظهر يوم الاثنين أن الخطف جريمة قتل، ازداد احتمال التفجير. فقد اقترح نفتالي بينت على المجلس الوزاري أفكاراً مجنونة، وبذل وزراء آخرون جهدهم من أجل إشعال حريق. لكن جنرالان كبيران (موشيه يعلون وبني غانتس) وقفا في مواجهة ضيّقي الأفق، وشخصيتان عاقلتان من تل أبيب (تسيبي ليفني ويائير لبيد) ساعدتا نتنياهو في المحافظة على ضبط النفس. لذا لم تكن القرارات التي اتخذت في الأول من تموز/يوليو 2014 تشبه أبداً القرارات التي اتخذت في 12 تموز/يوليو 2006. لقد استطاع نتنياهو أن يتجاوز الأيام الأولى للخطف بنجاح، وعندما تبين أن المختطفين قتلوا لم يفقد عقله ولم يشعل مواجهة.
•لكن الخطر ما يزال قائماً. ففي ساحات القدس ينتشر رعاع يهود. وأدى خطف شاب فلسطيني ومقتله في ظروف غامضة إلى اشتباكات وتأجيج مشاعر ورشق حجارة .
•إن كل من تحفظ عن عمليات عسكرية متسرعة يجب أن يكون أكثر تشدداً حيال التصرفات الهوجاء. فعندما تسيل الدماء ولا يكون هناك عملية سلمية فكل قرار خطأ وكل جريمة كراهية وكل صاروخ قاتل من شأنه أن يشعل ناراً لا يمكن السيطرة عليها.
•من هنا، فالكرة تعود اليوم إلى نتنياهو وعباس. ويتعين على رئيس الحكومة أن يقف موقفاً أخلاقياً واضحاً في مواجهة المتشددين الإسرائيليين، كما يجب على رئيس السلطة الفلسطينية إدانة المتشددين الفلسطينيين. كما أن نتنياهو مضطر لتطبيق القانون على اليهود كما يطبق على العرب، وعباس مضطر لأن يتنكر لـ"حماس". ومن أجل الحؤول دون حدوث تدهور، يجب الامتناع عن أي عمل استفزازي من أي نوع كان.
•على الثنائي الغريب نتنياهو – عباس أن يبذل كل ما في وسعه للمحافظة على الإنجاز الوحيد الذي حققاه وهو: الاستقرار.