· يمكن القول إن المعركة الدائرة في الوقت الحالي بشأن هوية رئيس الدولة الإسرائيلية المقبل بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ورئيس الكنيست السابق وعضو الكنيست الحالي رؤوفين ريفلين، تعكس الصراع داخل حزب الليكود.
· في الماضي، لم يكن لدى أعضاء حزب الليكود وقت للخصومة في ما بينهم، فقد كانوا يواجهون عدواً خارجياً قوياً يتمثل في اليسار [الصهيوني]. ولكن بمجرّد أن خيّل إليهم أنه لا يوجد عدو قوي كهذا بعد مضيّ أكثر من 30 عاماً وهم في سدة الحكم، بات لديهم الوقت لـ"تصفية حسابات" قديمة.
· يمكن القول إن المعركة التي تدور بين هذين الزعيمين معركة بين رجال التيار التصحيحي (نتنياهو) ورجال تيّار الإيتسل (ريفلين). بين المظلومين في اليمين الإسرائيلي التقليدي، ومن هم أقل تعرضاً للظلم منهم. بين من رفعوا أيديهم استسلاماً وسافروا من هنا مثل والد نتنياهو، وأولئك الذين بقوا وكافحوا للحفاظ على مكانتهم. بين مجموعة مقدسية يمينية صغيرة منغلقة على نفسها، ومن جاء مثل شهاب واختطف التركة منهم. بين من يسمون "أمراء"، ومن أرادوا أن يصبحوا "أمراء" فتم صدّهم.
· التياران تبادلا الاستخفاف ما أسفر في انتخابات الكنيست الأولى عن قيام رجال الإيتسل وعلى رأسهم مناحيم بيغن بتأسيس حركة حيروت التي فازت بنحو 49,000 صوت، في حين لم يحظ التصحيحيون بزعامة الدكتور آرييه ألتمان إلا بنحو 2000 صوت.
· ومع أن مناحيم بيغن نجح بمرور الأعوام بتجاوز هذا الخلاف، بل جعل عدداً من زعماء التصحيحيين قادة من الدرجة الثانية في حركة حيروت، إلا إن الفوارق بين التيارين لم تتلاش كلياً، والعداء بينهما لم يكن أقل قوة من العداء بين اليمين التقليدي وحزب مباي عدوه الأبدي.
· وأضيف إلى هذا العداء السياسي عداء بين الأكاديميين في الجامعة العبرية في القدس حيث عمل والدا نتنياهو وريفلين، ولكن حظي والد الثاني بتقدير أكاديمي أكبر.
· وفي أواسط ثمانينيات القرن الفائت بدأت تتشكل داخل حيروت مجموعة "الأمراء" التي رأى أفرادها أنفسهم ورثة محتملين لزعماء الحزب من كبار السن. وكان بينهم ريفلين وإيهود أولمرت ودان وسلاي مريدور وروني ميلو وتسيبي ليفني وليمور ليفنات ويائير شتيرن ونتان بارون وآرييه ناؤور ويعقوب ويوسي أحيمئير وآخرون. وآنذاك، ظهر فجأة بنيامين نتنياهو من العدم من منصبه كملحق سياسي في السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وهو ما لم يكن "الأمراء" يحسبون له حساباً.
· وفي ذروة مؤتمر "الأمراء" الذي عقد مرة واحدة في منتصف ثمانينيات القرن الفائت في القدس، توجه نتنياهو إلى أحد أعضاء اللجنة التنظيمية وطلب منحه الإذن بإلقاء كلمة. وعندما قوبل بالرفض، اتجه بنفسه نحو منصة الخطباء وأخذ الميكروفون من دون إذن وألقى محاضرة طويلة حول نظرية جابوتنسكي. وهكذا انتصر نتنياهو على ريفلين ورفاقه. كما انتصر عليهم بعد ذلك أيضاً إلى أن وصل في الوقت الحالي إلى انتخابات رئاسة الدولة.