أولمرت يعارض مقترح "الهدنة الإنسانية" في قطاع غزة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

سيناقش المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية اليوم (الأربعاء) سير عملية "الرصاص المسبوك" في قطاع غزة. ومساء أمس، أجرى رئيس الحكومة إيهود أولمرت مناقشة مع وزير الدفاع إيهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني بشأن المبادرة الفرنسية لتنفيذ "هدنة إنسانية" لـ 48 ساعة. وذكرت مصادر سياسية أن أولمرت قال إنه لا ضرورة لهدنة كهذه، لأنه ليس هناك أزمة إنسانية في القطاع.



وقد اقترح باراك، مساء أمس، أن تدرس إسرائيل "مخرجاً" من الحرب خلال الأيام القليلة المقبلة، وعلى سبيل المثال، المقترح الفرنسي، وذلك على خلفية التأجيل المتواصل لشن العملية العسكرية البرية في القطاع.



وقبل المناقشة التي عقدها أولمرت أعربت أوساط ديوان رئيس الحكومة عن غضبها الشديد مما وصفته بالتقارير التي يقدمها وزير الدفاع إلى وسائل الإعلام بشأن الهدنة الإنسانية. وقال المقربون من أولمرت إن رئيس الحكومة تناهى إلى سمعه أن باراك يؤيد المبادرة الفرنسية عن طريق نبأ قرأه على الإنترنت وليس من خلال محادثة أجراها مع باراك نفسه.



وقال أولمرت أمس (الثلاثاء) لضباط الجيش في أثناء زيارة قام بها لقيادة المنطقة الجنوبية برفقة وزير الدفاع: "إن العملية في غزة بدأت ولن تنتهي. سنستمر بحسب الخطة حتى نحقق أهدافنا".



وقد أتت أقوال أولمرت هذه تعقيباً على تقارير نقلت عن جهات عسكرية عليا قولها إن المؤسسة الأمنية ستوصي بالمبادرة إلى هدنة في الحرب ضد "حماس"، بهدف دراسة مخرج من العملية العسكرية قبل البدء بعملية برية مهمة.



ونفى الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام أن يكون رئيس هيئة الأركان العامة ورئيس جهاز الأمن العام يعتزمان تقديم توصية كهذه إلى أولمرت. وذكر بيان صدر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أنه ينفي "بشدة، وبشكل لا يقبل التأويل، الأنباء التي وردت في وسائل الإعلام وفحواها أن الجيش الإسرائيلي يبلور توصية لوقف إطلاق النار". وأفاد مكتب رئيس جهاز الأمن العام أن يوفال ديسكين لم يقدم توصية كهذه إلى القيادة السياسية.



وفي المقابل، أوضح الوزير يتسحاق هيرتسوغ في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي أن إسرائيل لا ترفض وقف القتال في غزة لفترة محدودة، وقال إن جهات مختلفة توجهت إلى إسرائيل بطلب التوصل إلى هدنة موقتة، وإن هذه الطلبات ستتم دراستها.



وبحسب التقارير الإعلامية، فإن المؤسسة الأمنية تعتقد أن خطوة كهذه يجب ألاّ تكون خطوة إسرائيلية من جانب واحد،  وإنما يجب استغلال إحدى مبادرات وقف إطلاق النار التي تم طرحها، وفي مقدمها مبادرة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير. وستوصي المؤسسة الأمنية بأن يتم خلال الهدنة التي اقترحها كوشنير، والتي ستستمر 48 ساعة، دراسة مدى استعداد "حماس" للالتزام بوقف إطلاق النار، وبالتوقف عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل بصورة تامة.



إن خطوة كهذه تعتبر مخرجاً محتملاً حرجاً قبل إدخال القوات البرية إلى قطاع غزة. وصباح اليوم نُشر في وسائل الإعلام أن رئيس الحكومة يرفض مناقشة وقف إطلاق النار في هذه المرحلة.



ويتوجب على إسرائيل أن تتخذ قراراً في مسألة وقف إطلاق النار خلال الساعات القليلة المقبلة، لأن قيام "حماس" بعمليات قصف لليلة أخرى تؤدي إلى خسائر بشرية، سيعرّض الحكومة لضغوط، ويدفعها إلى اتخاذ قرار بشن عملية برية قبل تجربة وقف إطلاق النار.



وقد أعرب وزير البنى التحتية بنيامين بن أليعيزر عن معارضته الهدنة قبل العملية البرية، وقال: "إن هدنة تستمر 48 ساعة ستعطي 'حماس' الوقت لتنظيم نفسها. فالأضرار التي لحقت بالحركة في الهجمات الأخيرة، ليست كافية".



ومن جهتها ذكرت صحيفة "معاريف" (31/12/2008) أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية لا يسوده اتفاق في الآراء بشأن تطبيق هدنة في المرحلة الحالية. فعلى سبيل المثال، قال الوزير إيلي يشاي إن "على إسرائيل إكمال قائمة الأهداف العسكرية [تجاه حركة 'حماس'] قبل وقف إطلاق النار". وهاجم أحد وزراء المجلس إيهود باراك قائلاً "إن وزير الدفاع يريد تجنب العملية البرية في غزة".



ولا يتناقض قرار المؤسسة الأمنية تأييد مبادرة الهدنة مع واقع استمرار الاستعدادات لشن عملية برية. ويشدد المسؤولون في المؤسسة الأمنية على أن الاستعدادات لن تتوقف حتى لو طبقت هدنة في مجال القصف الجوي. ومع ذلك فإن وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة لا يستعجلان شن عملية برية واسعة في غزة، ولا يعود السبب في ذلك إلى خشيتهما وقوع إصابات بشرية فقط. وهناك في المؤسسة العسكرية أيضاً خلافات في الرأي بشأن مستوى الخطر الذي ستتعرض له القوات [في حال دخول القطاع]، وإلى أي مدى ستحارب "حماس" بنجاعة. كما يشكك الجيش الإسرائيلي في إمكان أن تؤدي عملية كهذه إلى وقف إطلاق الصواريخ بصورة تامة، علاوة على أنه سيترتب عليها البقاء فترة طويلة في المنطقة. وهناك أيضاً الخشية من انعكاساتها على جبهات أخرى، بما في ذلك الأوضاع في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].



وتضع المؤسسة الأمنية عدداً من الشروط لوقف إطلاق النار من جانب إسرائيل: الوقف التام لإطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية من جانب المنظمات الفلسطينية كلها، لا من "حماس" فقط؛ تحديد منطقة أمنية خاصة يصل عمقها إلى بضع مئات من الأمتار خلف الشريط الحدودي [داخل القطاع] يُحظَّر على الفلسطينيين العمل فيها، وكل من يتجول فيها يكون معرضاً لإطلاق النار؛ سيطرة إسرائيلية كاملة على معابر القطاع، وتشغيل معبر رفح بموجب الترتيب الذي اتُفق عليه في سنة 2005، وتقليص عمليات التهريب إلى القطاع. ويجب ألاّ تكون هذه الترتيبات خاضعة لقيود زمنية.



إن العملية البرية ستكون بالتدريج أيضاً. والقوات التي تمت تعبئتها حتى الآن تكفي لتنفيذ المرحلة الأولى، لكنها غير كافية لمحاصرة القطاع وبتر أجزائه والتسبب بسقوط سلطة "حماس". ويوصف إسقاط "حماس" [في الخطة العسكرية] بأنه نتيجة محتملة للعملية لا هدفاً لها. ويميّز هذا الوصف الطريقة التي تدار بها عملية "الرصاص المسبوك" ـ استخدام القوة ودراسة النتيجة أكثر منها خطوة واحدة متكاملة ومخططاً لها حتى أدق التفصيلات.