· يبدو أن الإدارة الأميركية وعقب فشل الجهود الرامية إلى تمديد تجميد أعمال البناء في المستوطنات [في الضفة الغربية] ثلاثة أشهر أخرى، قررت أن تكون ضالعة أكثر في تسوية النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وذلك من خلال صيغة المفاوضات غير المباشرة [بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية] المقترنة باقتراحات أميركية تهدف إلى جسر الفجوات بين الجانبين. وسيتولى المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل هذه المهمة، لكن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون هي التي ستحرك الخيوط.
· وقد ارتأت كلينتون أن تعلن هذه الخطة الجديدة في الخطاب الذي ألقته أمس (السبت) لدى افتتاح "منتدى سابان" السنوي في واشنطن. ووفقاً لما تسرّب من أحاديث خاصة قامت كلينتون بإجرائها خلال الأيام القليلة الفائتة فإنها بصورة شخصية تتهم [رئيس الحكومة] بنيامين نتنياهو بإفشال محاولة تمديد تجميد البناء الاستيطاني، كما أنها توجه نقداً إلى [وزير الدفاع] إيهود باراك وتتهمه بأنه ضلّل الإدارة الأميركية بشأن النيات الحقيقية لنتنياهو.
· إن السيناريو المتوقع بناء على خطة كلينتون الجديدة هو التالي: بدءاً من الأسبوع الحالي ستطلب الإدارة الأميركية من كلا الجانبين [الإسرائيلي والفلسطيني] أن يقدّما اقتراحاتهما فيما يتعلق بالقضايا الجوهرية ـ وهي: الحدود في التسوية النهائية؛ الترتيبات الأمنية؛ القدس؛ اللاجئون؛ المستوطنات؛ المياه ـ وستحاول هذه الإدارة جسر الفجوات بين الجانبين من خلال اقتراحات تقدمها إلى كل منهما على حدة، أمّا قضية المستوطنين فتؤجل إلى المرحلة الأخيرة.
· يبقى السؤال هو: هل تملك كلينتون القوة الكافية لوضع هذه الخطة في حيّز التنفيذ؟ المسؤولون في البيت الأبيض يشككون في ذلك. مهما يكن فإن نتنياهو سيواجه صعوبة كبيرة في التهرب من مناقشة القضايا الجوهرية، علماً بأنه رفض في السابق مناقشتها خلال المفاوضات غير المباشرة، وأقنع الأميركيين بضرورة إرجائها إلى مرحلة المفاوضات المباشرة. ولا شك في أن مناقشة كل قضية منها يمكن أن تتسبب بمشكلات عويصة له داخل حزب الليكود والائتلاف الحكومي، أو بأزمة جديدة في العلاقات مع واشنطن.
كما أنه لا بُد من الإشارة إلى أن كلينتون لم تذكر في خطابها التزام [الرئيس الأميركي] باراك أوباما التوصل إلى اتفاق بشأن التسوية النهائية في غضون عام واحد، كما أنها لم تذكر إيران. صحيح أن الإدارة الأميركية تبذل جهوداً كبيرة لكبح المشروع النووي الإيراني بوسائل دبلوماسية، إلا إن الجميع في واشنطن على قناعة تامة بأن الخيار العسكري لمواجهة إيران لم يعد قائماً.