معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· أعادت الدينامية الإيجابية التي نشأت عقب قيام تركيا بتقديم المساعدة في إطفاء النيران على جبل الكرمل، والاتصالات التي جرت في جنيف بين ممثلين أتراك وإسرائيليين، طرح قضية الاعتذار إلى تركيا عن عملية السيطرة بالقوة على باخرة "مافي مرمرة". وقد برز خطّان: الأول، يقوده وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، الذي يعتبر الاعتذار إلى تركيا هو خضوع للإرهاب، وأنه لا يمكن لأي مبادرة حسن نية أن تؤدي إلى تحسن العلاقات؛ الثاني، هناك مَن يعتقد أن الحفاظ على مصالح إسرائيل الاستراتيجية في المنطقة، يفرض عليها أن تتنازل عن كبريائها وأن تعتذر.
· وفي العقدين الأخيرين، تحوّل الاعتذار، أي التعبير عن الأسف والندم، إلى أدوات استخدمتها عدة دول في الحياة السياسية الدولية. فقد اعتذرت اليابان عن أعمالها في الحرب العالمية الثانية، كما اعتذر وزير الخارجية الياباني مؤخراً عن الاستعمار الياباني لكوريا الجنوبية، ويمكن الإشارة أيضاً إلى اعتذار الرئيس الألماني في سنة 2000 أمام الكنيست عن المحرقة النازية، واعتذار كندا في سنة 2010 عن فشلها في وقف مجزرة رواندا، في الوقت الملائم. صحيح أن الاعتذار يمكن أن يكون مفيداً، لكنه أحياناً ربما يؤدي إلى تدهور العلاقات بدلاً من تحسينها، لذا، من الضروري استخدامه بذكاء وحذر.
· وفي النقاشات الدائرة حالياً في إسرائيل، هناك عدد من الاحتمالات لـ"صيغ اعتذار" يمكن أن تختار إسرائيل بينها. فهناك أولاً، التعبير عن الأسف، وهو الاحتمال الأسهل بالنسبة إلى إسرائيل، لأنه لا يتضمن تحمّلاً للمسؤولية، وفي الوقت عينه يعطي الانطباع بحدوث الاعتذار. وقد سبق أن عبّر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك، وحتى وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، عن أسفهم على وقوع الضحايا. لكن التعبير عن الأسف سرعان ما "استهلكه" الكلام الذي حاول تبرير الهجوم الإسرائيلي، الأمر الذي أفقده أهميته وتأثيره.
· إن التعبير عن الأسف لا يوازي، من حيث الأهمية، الاعتذار، ومن هنا علينا ألاّ نستغرب إصرار الأتراك على الاعتذار الذي يتضمن تحمّلاً للمسؤولية. لذا، فالأمر الذي يجب مناقشته هو حجم المسؤولية التي يوجد لدى إسرائيل استعداد لتحمّلها. كما أن مسألة الاعتذار مرتبطة بمسألة تقديم التعويضات لعائلات القتلى.
· إن مشكلة تحمّل المسؤولية [عن الهجوم على الأسطول التركي]، هي التي ستحسم في نهاية الأمر نجاح أو فشل المفاوضات بين إسرائيل وتركيا. لكن المشكلة لا تتعلق بانعكاسات ذلك على ما حدث للأسطول، وإنما بانعكاساته على مطالبة إسرائيل بالاعتذار والتعويض عن عمليات عسكرية أخرى سبق أن قامت بها إسرائيل، أو يمكن أن تقوم بها مستقبلاً. وليس هناك أدنى شك في أنه في حال اعتذرت إسرائيل من تركيا وعوضت عليها، فإن هناك مَن سيتساءل لماذ لم تفعل هكذا في حوادث مشابهة؟ لقد شدد رئيس الحكومة على أن الاعتذار لن يشكل أساساً لملاحقة الجنود الإسرائيليين، وأوضح أن الهدف من الاعتذار هو توضيح الموقف الإسرائيلي مما جرى، وثمة شك في أن تقبل تركيا هذه الصيغة.
في المحصلة، إن إسرائيل تواجه مشكلة صعبة، فإذا أرادت أن تفسح المجال أمام تحسين علاقاتها مع تركيا، فلا مفر أمامها من الاستجابة لطلب تركيا والاعتذار إليها. لكنها من جهة أخرى، ما زالت محتارة بشأن نيات تركيا تجاهها، فهل ستسعى هذه الأخيرة للتصالح معها، أم أنها ستواصل خطها الهجومي تجاهها على الرغم من الاعتذار؟ إن الأمر الأكيد هو أن تركيا تريد تحميل إسرائيل مسؤولية أكبر مما يوجد لدى إسرائيل استعداد لتحمّلها. فعلى الرغم من تعبير إسرائيل عن رغبتها في الاعتذار، فإن ثمة شكاً في أنها قادرة على فعل ذلك، ولا سيما في ظل تورطها في عمليات عسكرية أخرى في منطقتنا.