من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
قدّم وفد إسرائيل إلى الأمم المتحدة، الليلة الفائتة (الأحد)، رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الدوري لمجلس الأمن تضمنتا تهديداً فحواه أن إسرائيل لا تنوي الوقوف متفرجة في حال استمرار إطلاق صواريخ القسام على الأراضي الإسرائيلية، وأنها ستفعل كل شيء ممكناً لحماية مواطنيها.
وأمس أصدرت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني توجيهات إلى الممثليات الإسرائيلية في الخارج طلبت فيها البدء فوراً بحملة دبلوماسية وإعلامية، مع التركيز على الدول الأعضاء في مجلس الأمن والدول الأوروبية، بهدف توسيع قاعدة الدعم لرد عسكري إسرائيلي على إطلاق صواريخ القسام من قطاع غزة على إسرائيل. وبالإضافة إلى ذلك، تنوي ليفني إجراء سلسلة اتصالات هاتفية بنظرائها في أنحاء العالم. وبموازاة ذلك، صدرت توجيهات إلى سفراء إسرائيل في الخارج طُلب منهم فيها التوجه إلى وزارات الخارجية في الدول التي يعملون فيها والتشديد على احتجاج إسرائيل على إطلاق الصواريخ، وعلى أن "حماس" هي التي خرقت التهدئة وأنها هي المسؤولة عن الأوضاع في غزة.
ومن جهته قال وزير الدفاع إيهود باراك مساء أمس في اجتماع لحزب العمل إنه أصدر توجيهات إلى الجيش الإسرائيلي والجهات الأمنية تقضي بالاستعداد للقيام بعملية في ضوء ما يترتب على الواقع الجديد الذي نشأ في الجنوب. وقال باراك: "إن مسألة المكان والتوقيت والطريقة التي سنعمل بها ستُترك للمراتب المهنية. وإن رئيس هيئة الأركان العامة ووزير الدفاع يفهمان ما يجب عمله، على الأقل كبعض الذين يطلقون التصريحات الهوجاء". وتناول وزير الدفاع الانتقاد الذي وجهه إليه وزير المواصلات شاؤول موفاز قائلاً إن "هناك أقوالاً تصدر عن أشخاص شاهدوا حرباً، لكنهم اليوم لا يتحملون مسؤولية. صدّقوني، لو كان هؤلاء يتحملون المسؤولية لسمعنا منهم أقوالاً مغايرة".
وقد تحولت جلسة الحكومة التي عقدت أمس لمناقشة الوضع في غزة إلى معركة كلامية بين وزير الدفاع الذي حظي بدعم رئيس الحكومة إيهود أولمرت، ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني ونائب رئيس الحكومة حاييم رامون. وهاجم عدد من الوزراء، خلال الجلسة وقبلها أيضاً، وزير الدفاع بسبب ما وصفوه بفشل سياسته إزاء قطاع غزة.
وفي مستهل الجلسة قدم رئيس جهاز الأمن العام يوفال ديسكين عرضاً استخباراتياً قال فيه إن "حماس" تمتلك اليوم قدرة على إطلاق صواريخ على كريات غات وأسدود، وحتى على مشارف بئر السبع. وذكر ديسكين أن "حماس" ستطلق صواريخ إلى مسافات بعيدة إذا ما تعرضت إسرائيل لأرصدة رئيسية للحركة في غزة. وأضاف أن "حماس" أطلقت العنان لباقي المنظمات، كما أنها استأنفت
إطلاق الصواريخ بنفسها. وعلى حد قوله، فإن الحركة معنية باستمرار التهدئة، لكنها تريد تحسين شروطها، "وهي تريد أن نرفع الحصار ونوقف الهجمات ونوسّع التهدئة لتشمل يهودا والسامرة ]الضفة الغربية[ أيضاً".
وعلى حد قول رئيس جهاز الأمن العام، فإنه لا يوجد وسيط فعال بين إسرائيل والجانب الفلسطيني في غزة، "فالمصريون يقفون متفرجين، ولا ثقة بينهم وبين `حماس΄. ومع ذلك، يجب عدم الاستهانة بالوسيط المصري. فإذا ما واجهت الحركة، في نقطة معينة، وضعاً تحتاج فيه إلى وساطة المصريين فسيعود هؤلاء إلى الساحة للقيام بدور ما". وذكر ديسكين أن "هناك جهات دولية أخرى تحاول التوسط كي تعيد الهدوء إلى سابق عهده".
وفي إثر كلمة ديسكين فُتح نقاش بين وزراء الحكومة، واستهل وزير الدفاع النقاش بتحليل الشرعية الدولية التي ستحظى بها إسرائيل إذا ما شنت عملية عسكرية في القطاع. وقال باراك: "هناك تفهم دولي أفضل لضرورة تصدينا لـ `حماس΄. وحتى لو لم نتلقَّ إطراء، وحتى لو لم تعرب أوروبا عن انتقادات، فإن المجتمع الدولي، في معظمه، يفهم أن إسرائيل لا يمكنها تحمّل سلوك الحركة أكثر من ذلك". وأضاف باراك: "إذا أردنا العودة إلى الهدوء، فسيتعين علينا القيام بعملية عسكرية واسعة، لكن يجب أن نفهم الحقائق فهماً دقيقاً. لا توجد صيغة سحرية يمكننا بموجبها أن نوجه ضربة ]ضد غزة[ ثم يعود الهدوء وتتفكك حركة `حماس΄. يجب أن نأخذ في الحسبان أن إعادة الهدوء تتطلب عملية عسكرية واسعة".
وانتقد باراك الوزراء الذين يدلون بتصريحات إلى وسائل الإعلام بشأن ضرورة الرد العسكري الإسرائيلي، وفي مقدم هؤلاء حاييم رامون وتسيبي ليفني، وقال: "صونوا ألسنتكم. هذا الكلام لا يساهم في قدرة المواطنين على الصمود. يجب عدم الدخول في منافسة بشأن من يريد ضرب `حماس΄، ومن يبغضها أكثر من غيره. أعرف أن هذا موسم سياسي ]انتخابات[، لكن يجب عدم إطلاق التصريحات الهوجاء".
ورد رامون على باراك قائلاً: "لقد فشلت التهدئة فشلاً ذريعاً... يجب تغيير السياسة واتخاذ قرار استراتيجي حاسم بوضع حد لسلطة `حماس΄". وتدخل أولمرت قائلاً إن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية اجتمع في حزيران / يونيو الفائت وعقد نقاشاً تفصيلياً ومطولاً وصادق على سياسة التهدئة. ولم يفعل أحد أي شيء من وراء ظهر أي شخص.
وأدلى عدد من الوزراء بمواقف مختلفة، بينهم رئيس حزب شاس الوزير إيلي يشاي الذي دعا إلى استئناف سياسة الاغتيالات ضد كبار المسؤولين في حركة "حماس". وقالت الوزيرة يولي تمير: "من السهل إطلاق التصريحات الهوجاء لكن لا أحد يعلم كيف سينتهي الأمر. الحلول ليست سهلة". وقال الوزير غدعون عزرا: "إذا كنا سنقوم بعملية عسكرية فيجب الانتصار فيها. ولهذا يجب أن نتصرف بحذر".
وأكدت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أن التهدئة لم تخدم الهدف الاستراتيجي، لكنها أيدتها لأنها جلبت الهدوء لفترة قصيرة. وأضافت أن التهدئة تبرهن على أن "حماس" تتحمل المسؤولية. فعندما أرادت منع إطلاق الصواريخ نجحت في القيام بذلك، ولذا فإن الرد على كل صاروخ هو أمر ضروري. وقالت إن التهدئة انتهت ونحن الآن في حالة حرب من طرف واحد، ويجب دراسة الوسائل السياسية والعسكرية والاقتصادية للرد.
ورد وزير الدفاع باراك عليها قائلاً: "على من يعتقد أن في الإمكان تدمير سلطة `حماس΄ أن يفهم أنه لا يوجد طريقة للقيام بذلك من دون العودة إلى قطاع غزة. ليس من المؤكد أن من الممكن وقف إطلاق الصواريخ حتى لو كان هناك فرقتان أو ثلاث فرق عسكرية داخل غزة. ولذا فإن الوزراء الذين يتحدثون عن ضرورة القيام بعملية فورية هم فاقدو المسؤولية". وأضاف باراك أن العملية في غزة تقترب، لكننا يجب أن نعمل بتروٍّ وحذر.
واختتم رئيس الحكومة أولمرت النقاش قائلاً: "الكلام مسموح به، لكن الممنوع هو إلحاق الضرر بقدرة الردع الإسرائيلية عن طريق الكلام. إننا لا نجلس مكتوفي الأيدي. قبل التهدئة قتل مئات من `المقاومين΄ نتيجة عمليات إسرائيلية. ليس هناك من يستهزئ بنا... إن المؤسستين الحكومية والعسكرية ستعملان من خلال سيطرة على الأمور وهدوء أعصاب وتنسيق. يجب أن نعمل، وسنعمل، لكن يجب ألا ننشر إعلانات عن متى وكيف سنعمل، ومتى سنجري مناقشة. أنا أيضاً يغلي الدم في عروقي عندما أُبلَّغ عن سقوط صاروخ قسام، لكن مسؤوليتنا هي أن نهدّئ الخواطر وأن نتخذ قرارات صحيحة".
وقالت مصادر أمنية لصحيفة "هآرتس" أمس إنه سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة بلورة سياسة جديدة سيتم اتباعها إزاء قطاع غزة. وتقوم هذه السياسة أساساً على تصعيد الهجمات الجوية ضد القطاع، وأن هذه الهجمات لن تقتصر على ضرب مجموعات مطلقي الصواريخ. ويبدو أنه سيصار إلى توسيعها لتشمل ضرب مستودعات الأسلحة والورش ومحاولة التعرض لحياة قادة الشبكات التي تعمل في إطلاق الصواريخ.