إرهاب الصواريخ
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- استخدم الإرهابيون في الماضي المسدسات والبنادق الأوتوماتيكية في عمليات قتل الأفراد كما استخدموا الانتحاريين في عمليات القتل المركزة التي استهدفت تجمعات للناس فضلاً عن الطائرات لقتل آلاف المدنيين. لكن سلاحهم الأنجع اليوم هو الصاروخ الذاتي الدفع، لأنه سلاح رخيص الثمن، ويمكن إطلاقه على أهداف مدنية من مسافة بعيدة، الأمر الذي يسمح للإرهابيين بالفرار بعد إصابتهم الهدف.
- منذ عدة أعوام أصبح السكان المدنيون في إسرائيل هدفاً لصواريخ الإرهابيين. في البداية كان هناك كاتيوشا حزب الله في الشمال، وبعدها جاءت صواريخ القسام التي تطلقها حماس في الجنوب. وكانت التنظيمات الإرهابية في الماضي تملك عشرات الصواريخ، ثم أصبحت تملك المئات، والآن بات لديها عشرات الآلاف من الصواريخ التي تهدد المدنيين في إسرائيل. في البداية كانت هذه الصواريخ تهدد المناطق القريبة من الحدود، أما الآن فأصبحت تغطي الدولة كلها. وهكذا تخلينا، بالتدريج، عن القاعدة التي شكلت في الماضي حجر الأساس في العقيدة العسكرية في إسرائيل، أي حماية أمن المدنيين في أثناء الحرب. واليوم يعلن الناطقون العسكريون أن السكان المدنيين في إسرائيل معرضون للقصف الصاروخي، الأمر الذي يشكل تغييراً نحو الأسوأ في الوضع الاستراتيجي لإسرائيل.
- كيف سمحنا لمثل هذا الواقع أن ينشأ؟ هل غفا قادتنا ولم يدركوا التغير المتدرج الذي يحدث حولنا؟ إن البعض منهم مسؤول في أفعاله وتقصيراته عن هذا التدهور. فالانسحاب من طرف واحد من الحزام الأمني في جنوب لبنان، هوالذي سمح لحزب الله بزيادة عدد صواريخه بصورة كبيرة، كما أن حرب لبنان الثانية أتاحت للحزب المجال للسيطرة على لبنان، ولإدخال الصواريخ من سورية إليه ونشرها هناك وإعدادها للقصف.
- علاوة على ذلك، ساعد الانسحاب من طرف واحد من غوش قطيف حماس على السيطرة على قطاع غزة، وسمح لمقاتليها بإطلاق الصواريخ على السكان المدنيين في جنوب إسرائيل، من دون أي عقاب. وقد استمروا في ذلك أعواماً كثيرة من دون أي رد إسرائيلي. وعلى الرغم من أن عملية "الرصاص المسبوك" قلصت بصورة كبيرة عدد الصواريخ التي تُطلق في اتجاه إسرائيل، فإن سكان الجنوب لا يزالون يتعرضون يومياً لسقوط الصواريخ والقذائف المدفعية من قطاع غزة. ومنذ انتهاء عملية "الرصاص المسبوك" زادت حماس مخزونها من الصواريخ استعداداً للجولة المقبلة.
- ماذا يمكن أن نفعله الآن؟ يبدو ان قادتنا ظلوا لفترة طويلة ينكرون هذا الواقع. وقالوا لنا في البداية أن علماءنا بصدد تطوير منظومة لاعتراض الصواريخ الباليستية، يمكن استخدامها مستقبلاً كمظلة دفاع عن المدنيين، وإن في استطاعتها إسقاط أي صاروخ يطلقه الإرهابيون علينا. ولسنا بحاجة إلى أن نكون علماء كي ندرك أن هذا مجرد وهم. ففضلاً عن التحدي التكنولوجي الضخم الذي يمثله تطوير مثل هذه المنظومة من السلاح، إلاّ إن الفارق في التكلفة بين الصاروخ البسيط الموجه ضد المدنيين وبين المنظومة المتطورة المعترضة له، كبير إلى حد أن هذه المنظومة لا تشكل حلاً للمشكلة. وقال لنا قادتنا في وقت لاحق إن في إمكاننا ردع الإرهابيين عن استخدام هذا السلاح ضدنا، لكننا نتساءل مَن يردع مَن؟
- هل معنى هذا أن ليس في إمكاننا أن نفعل شيئاً باستثناء تهيئة مزيد من الملاجىء وتوزيع الأقنعة المضادة للغازات على كل مواطن؟ إن القبول بهذا الوضع الذي لا يُحتمل ولا يشكل رداً على السؤال. فنحن نستطيع القيام بعدد من الأمور من أجل تقليص حجم الخطر الذي يتهددنا، ولتعديل كفة الميزان الاستراتيجي لمصلحتنا. كما علينا القيام بخطوات ذات طابع دفاعي وهجومي وردعي.