المنظومات الدفاعية لا يمكنها تحصين الجبهة الداخلية ضد القصف الصاروخي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       حذّر رئيس الاستخبارات العسكرية المنتهية ولايته اللواء عاموس يادلين في جلسة لجنة الخارجية والأمن، من "أنه سيكون من الصعب معرفة ما سيحدث في المستقبل انطلاقاً مما حدث في عملية "الرصاص المسبوك"، أو في حرب لبنان الثانية. فما سيحدث سيكون أكبر وأوسع بكثير، وسيوقع عدداً أكبر من المصابين". ويكفي أن ننظر إلى ما حدث كي ندرك حجم خطورة ما سيحدث. ففي حرب لبنان الثانية قُصفت الجبهة الداخلية في إسرائيل بأكثر من 4000 صاروخ، وفي عملية "الرصاص المسبوك" قصف الفلسطينيون أهدافاً عدة في إسرائيل بنحو 600 صاروخ.

·       بعد مرور أيام على كلام يادلين، قال عوزي روبين أحد كبار الخبراء الإسرائيليين في الصواريخ، إنه يوجد اليوم نحو 1500 صاروخ موجهة ضد تل أبيب من لبنان وسورية وإيران وغزة، إلى جانب آلاف الصواريخ الموجهة ضد أهداف كثيرة أخرى.

·       إن يادلين وروبين محقان في تقديرهما للخطر الذي يواجه إسرائيل. فلدى حزب الله أكثر من 50,000 صاروخ من مختلف الأنواع، بينها صواريخ يمكن أن تصل إلى النقب. كما تملك "حماس" آلاف الصواريخ التي يبلغ مدى بعضها عشرات الكيلومترات، ولدى سورية آلاف الصواريخ الباليستية، وعشرات الآلاف من القذائف، الأمر الذي يعني أن كل نقطة في إسرائيل في مرمى آلاف الصواريخ والقذائف.

·       إلاّ إن هناك أمراً مثيراً للقلق لم يقله الرجلان، لكننا نستطيع أن نفهمه من كلامهما: فإسرائيل توظف مليارات الدولارات في تطوير منظومة دفاعية ربما تكون غير ناجعة عندما يحين الأوان، وتقوم بوضع سياسة غير صحيحة لمواجهة الخطر الصاروخي ـ الباليستي. كما أن وزارة الدفاع تسعى لتنفيذ مشروع طموح وباهظ التكلفة ضد الصواريخ الباليستية ("حيتس") وضد القذائف (" القبة الحديدية" و"الصولجان السحري")، من دون الأخذ في الاعتبار النقاش العملي المتعلق بمدى فعالية هذه المنظومات الدفاعية التي من الواضح أنها لا تشكل حلاً في حال تحقق السيناريو الذي يتحدث عنه يادلين وروبين.

·       ومن الواضح أن القيود على الميزانية ستحول دون تسلحنا بعشرات الآلاف من الصواريخ الدفاعية، بينما تتحدث وزارة الدفاع عن الحاجة إلى مئات الصواريخ من هذا النوع. وهذا يعني أنه حتى لو كانت هذه الأسلحة الدفاعية فعالة، وهذا أمر مشكوك به، فإنها ستؤمن الحماية من عدد محدود من الصواريخ والقذائف التي ستُطلق على إسرائيل في أثناء الحرب.

·       إن ثمن صاروخ "حيتس" ثلاثة ملايين دولار، بينما يكلف صاروخ "القبة الحديدية" نحو 100 مليون دولار، في حين تبلغ تكلفة صاروخ "الصولجان السحري" نحو مليون دولار. لذا من الواضح أن القدرة على شراء عدد كبير من هذه الصواريخ ستكون محدودة.

·       ويدّعي مؤيدو مواصلة تطوير هذه المنظومة الدفاعية والتزود بها، أنها قادرة على التصدي لأول 200 أو 300 صاروخ تُطلق على إسرائيل، الأمر الذي يؤكد أن هذه الأسلحة غير ضرورية، وأن الإنفاق عليها مضيعة للمال. فحتى يادلين وروبين وهما من الذين يدعمون التزود بهذه الأسلحة، يقولان إن إسرائيل في الحرب المقبلة ستُقصف بآلاف الصواريخ والقذائف. وفي حال حدوث ذلك، فإن ترسانة الصواريخ الدفاعية ستفرغ بعد يوم واحد من القتال، وستصبح الجبهة الداخلية مكشوفة أمام القصف. ولم يقل مؤيدو هذه الأسلحة إن القصف، بعد اطلاق العدو 200 صاروخ على إسرائيل، سيتوقف.

إن الخلاصة واضحة وهي عدم فعالية المنظومة الدفاعية في الاستعداد لمواجهة خطر الصواريخ والقذائف، فهذه السياسة غير صحيحة، ولن تؤدي إلى حل مشكلة الخطر الصاروخي. وعلى الجيش الإسرائيلي وضع سياسة مختلفة، والتخلي عن الاستثمارات الضخمة في سلاح يخلق انطباعاً وهمياً بتحصين الجبهة الداخلية.