تأثير تغير طبيعة التهديدات على إسرائيل في الترتيبات الأمنية المطلوبة
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

·       خلال السنتين 1999 - 2000، كانت إسرائيل تجري مفاوضات متقدمة للغاية مع السوريين والفلسطينيين في آن واحد، وكان من الواضح أنها ستضطر إلى التنازل في الحالتين عن أراض؛ فهي ستضطر إلى التنازل عن هضبة الجولان من أجل التوصل إلى اتفاق مع السوريين، وإلى التنازل عن أراض كبيرة، إذا لم يكن عن أغلبية الأراضي في الضفة الغربية، للفلسطينيين. وكان من المفترض أن تعوّض الترتيبات الأمنية على إسرائيل خسارتها للمناطق. وكان هذا التوجه آنذاك، صحيحاً بصورة جزئية على مساري المفاوضات، لكنه لم يكن بعيد النظر.

·       كانت مشكلة التوصل إلى اتفاق سلام يتضمن إعادة الجولان إلى السوريين هي في كيفية الدفاع عن إسرائيل من دون الجولان. وكان الحل أن يتضمن أي اتفاق للسلام ترتيبات أمنية محددة. وقد استند هذا التوجه إلى عدد من الافتراضات المغلوط فيها.

·       لقد كشفت التطورات التي طرأت في العقد الماضي عن تغيير بارز في نوع التهديدات التي يمكن أن نواجهها من ناحية الدولة الفلسطينية أو الكيان الفلسطيني، فقد شهدنا انتقالاً لاستخدام ثلاثة أنواع من السلاح تتعارض بصورة جوهرية مع الخطوط الأساسية للتدابير الأمنية التي جرى نقاشها سابقاً.

·       إن القذائف والصورايخ التي ستنتشر على طول الضفة الغربية ستكون قادرة على الوصول إلى جميع أنحاء إسرائيل، كما أن الصواريخ المتطورة المضادة للطائرات لن يكون في إمكانها اعتـراض طائرات الركاب المتوجهة إلى مطـار بن - غوريون فحسب، بل اعتراض الطوافات والطائرات الحربية أيضاً. علاوة على ذلك، فإن الصواريخ المضادة للدروع، والتي يبلغ مداها خمسة كيلومترات، ستكون قادرة على الوصول ليس إلى نقاط استراتيجية في إسرائيل مثل الاتوستراد رقم 6 فحسب، بل إلى أبعد من ذلك أيضاً.

·       ويمكننا اليوم أن نرى القاسم المشترك بين هذا كله في عمليات التهريب والتصنيع السري في غزة، ولا يوجد هناك أي جهاز مراقبة يقدر على منع ذلك. وليس في الإمكان منع تهريب هذا النوع من السلاح إلا بواسطة السيطرة الفعالة على وادي الأردن، وعلى طول الحدود الممتدة بين الأردن وإسرائيل.

علاوة على ذلك، إذا انسحبت إسرائيل إلى خطوط الهدنة لسنة 1949، فإن الجزء الشرقي من الحدود الإسرائيلية ـ الفلسطينية لن يكون مقراً للسلطة الفلسطينية فقط، بل مركزاً لأعدائنا المحتملين الآخرين أيضاً، بمن فيهم حزب الله وسورية. ومعنى ذلك، أنه عندما نضع الترتيبات الأمنية في الضفة الغربية، فإن التوجه الإسرائيلي يجب أن يكون أكثر شمولاً ويتعدى حاجات إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين.