المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ما زالت أسيرة المفاهيم الهجومية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

·      يصعب العثور على ضابط إسرائيلي واحد لا يعرف أن جوهر الحرب في الشرق الأوسط قد تغيّر كثيراً في الآونة الأخيرة.

·      إن أي ضابط إسرائيلي يعرف أن أعداء إسرائيل، سواء أكانوا إيران أو سورية أو حتى منظمات عسكرية على غرار حزب الله و"حماس"، باتوا يدركون منذ فترة طويلة أنه لا يمكن إلحاق هزيمة بإسرائيل في ساحة المعركة، ذلك بأنها لا تزال متفوّقة عليهم لا سيما في كل ما يتعلق بالتكنولوجيا وسلاح الجو والاستخبارات، وهذه كلها تعتبر عناصر حاسمة في أي حرب.

·      كما أن أي ضابط إسرائيلي يعرف أنه منذ سنة 1982 أكد الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، أن العرب ليسوا بحاجة إلى سلاح جو مثل الذي تملكه إسرائيل من أجل تحقيق التوازن معها، وإنما بحاجة إلى صواريخ كثيرة وثقيلة وضارة يمكن إطلاقها على الجبهة المدنية في إسرائيل، الأمر الذي سيردع هذه الأخيرة عن شنّ حرب.

·      لكن يبدو أن إسرائيل كانت بحاجة إلى أكثر من عقدين وإلى حرب فاشلة [حرب لبنان الثانية في صيف سنة 2006] كي تستوعب هذا الأمر، كما أن حرب لبنان الثانية أسفرت عن معرفة الأضرار التي لحقت بالجيش الإسرائيلي جراء تركيزه، على مدار أعوام طويلة، على أعمال مكافحة "الإرهاب" في المناطق [المحتلة].

·      إن ما يجب تأكيده، في المقام الأول، هو أن محصلة ما حدث في صيف 2006 لم تكن ناجمة عن انعدام التنظيم وعن عجز الحكومة فحسب، بل كانت ناجمة أيضاً عن سيطرة طريقة تفكير معينة على قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين. وبسبب طريقة التفكير هذه، فإن الجيش الإسرائيلي لم يعتبر أن الدفاع [عن الجبهة الإسرائيلية الداخلية] يندرج في عداد مهماته. لكن هذا الجيش اكتشف، بعد أن وضعت حرب لبنان الثانية أوزارها، أن المواطنين الإسرائيليين، في معظمهم، يعتبرون أنه مُني بالفشل الذريع في هذه الحرب لأنه لم يدافع عن السكان المدنيين كما يجب، لا لأنه واجه صعوبات كبيرة في أثناء الحرب البرية.

·      على الرغم من ذلك، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ما زالت أسيرة المفاهيم الهجومية، ولعل أفضل دليل على ذلك كامن في أن هذه المؤسسة لم تخصص حتى الآن ميزانيات كافية لزيادة إجراءات تحصين الجبهة الداخلية، وفي أن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، يبذل جلّ جهوده في الإعداد للعمليات الهجومية، في حين أن موضوع الدفاع عن الجبهة الداخلية خاضع لمسؤولية نائبه متان فلنائي.

·      ولا بُد من الإشارة إلى أن فلنائي يقوم بأعمال كثيرة ومتشعبة في هذا الشأن، ومع ذلك، فمن الصعب القول إن طريقة التفكير، التي حالت دون إعلان حالة الطوارئ في الجبهة الداخلية في إبان حرب لبنان الثانية، قد ولّت بالتزامن مع انتهاء عهد [رئيس الحكومة السابق] إيهود أولمرت و[وزير الدفاع السابق] عمير بيرتس.

·      كما أن من الصعب تأكيد أن إسرائيل أصبحت تملك مفهوماً وطنياً شاملاً للدفاع [عن الجبهة المدنية]، والذي سبق للجنة مريدور أن اقترحت إضافته إلى ركائز المفهوم الأمني الإسرائيلي العام. ولو كانت إسرائيل تملك مثل هذا المفهوم الدفاعي لكان قادتها قد فكروا في إقامة مشروعات بُنى تحتية خاصة لهذا الغرض، مثل إقامة خط للسكة الحديدية تحت الأرض، ومن المعروف أن سكان لندن وموسكو اختبأوا في قطارات تحت الأرض لدى تعرّض المدينتين لقصف قوات ألمانيا النازية في إبان الحرب العالمية الثانية.

إن مناورات الجبهة الإسرائيلية الداخلية [التي جرت هذا الأسبوع وأُسميت "نقطة تحوّل 4"] تعتبر خطوة إلى الأمام، إلا إنها لا تعني أن وزراء الحكومة الإسرائيلية سيتخذون القرار الصحيح عندما تحين ساعة الحسم. وما نأمل به هو أن يكون الجيش الإسرائيلي على استعداد لتنفيذ ما يتعين عليه القيام به.