· يصرّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على أن قبول إسرائيل عضواً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) "سيفتح أمام إسرائيل آفاقاً استثمارية كانت مغلقة في السابق". غير أن ما شهدناه، خلال الأسابيع القليلة الفائتة، هو أن عضوية هذه المنظمة لا تضمن شيئاً في حال الوقوع في براثن أزمة اقتصادية حادة، وأن الذي فكر في "آفاق الاستثمار" في اليونان، مثلاً، هو الاتحاد الأوروبي وليس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على الرغم من كون اليونان عضواً فيها.
· إن عضوية أي دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تعني، بصورة أوتوماتيكية، ألاّ تكون عرضة لأزمة اقتصادية. ولعل من الأفضل، في هذه الحال، أن نتطرق إلى القصص التي استنكف المسؤولون في إسرائيل عن حكايتها لنا، ولا سيما قصة واحدة امتنع رئيس الحكومة من حكايتها، وعلى ما يبدو، لم يكن ذلك من قبيل المصادفة.
· إن إحدى المفاجآت التي انطوى عليها قرار قبول إسرائيل عضواً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كانت كامنة في أن أي دولة من الدول الأعضاء في هذه المنظمة لم تعارض هذا القبول. ولو أن دولة واحدة منها عارضت ذلك لكانت معارضتها هذه أسفرت عن وقف العملية برمّتها. ويبدو أن بضع دول أعضاء في المنظمة كان لديها نيات لمعارضة قبول إسرائيل، في إثر الضغوط التي مورست عليها من طرف السلطة الفلسطينية.
· لقد ألحت السلطة الفلسطينية على هذه الدول بأن تطلب من إسرائيل تحديد حدودها، الأمر الذي أدى إلى إحراج زعماء هذه المنظمة، ولا سيما أن أي دولة عضو فيها لا تعترف بالمستوطنات في الضفة الغربية ولا بضم القدس الشرقية وهضبة الجولان. وفي الوقت نفسه، فإن [رئيس الوزراء الفلسطيني] سلام فياض أكد لهؤلاء الزعماء أن قبول عضوية إسرائيل يعني اعترافاً بالمستوطنات والضم.
· وتجدر الإشارة إلى أن السكرتير العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية زار إسرائيل في الخريف الفائت وطلب منها وقف عملية الاحتلال الإحصائية [ربط البيانات الإحصائية المتعلقة بإسرائيل بتلك المتعلقة بالأراضي المحتلة]، وإلا فإنها لن تُقبل عضواً في المنظمة. وفي نهاية المطاف، تم التوصل إلى حل وسط تتنازل المنظمة الدولية بموجبه عن مطلب فصل المستوطنات والقدس الشرقية وهضبة الجولان، بصورة مطلقة، من السجلات الإحصائية الإسرائيلية، لكن وفقاً للمعادلة التالية: "تقوم الحكومة الإسرائيلية بتزويد المنظمة بالمعطيات الإحصائية المتعلقة بدولة إسرائيل، غير أن استعمال هذه المعطيات لا ينطوي على اعتراف بضم القدس الشرقية وهضبة الجولان والمستوطنات".
· في موازاة ذلك، فإن نتنياهو وافق أيضاً على أن يقوم مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي بنشر معطيات منفردة تتعلق بالقدس الشرقية والجولان والمستوطنات، الأمر الذي يعني أن في الإمكان فصل القدس الشرقية عن إسرائيل، وهو ما لم توافق أي حكومة إسرائيلية عليه في السابق.