شيلي يحيموفيتش خانت تاريخ حزب العمل وحولته إلى ملحق باليمين الإسرائيلي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى اختفاء اليسار الصهيوني تقريباً عن الخريطة الحزبية. وهذه حقيقة لا يمكن القبول بها، ذلك بأن اليسار يمثل القوة الوحيدة التي لا تزال تقف اليوم في مواجهة الموجة القومية السوداء التي تجتاح المجتمع وتهدد بإغراق الدولة اليهودية. ويبدو أنه لم يبق من اليسار الصهيوني سوى حركة ميريتس، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الأشخاص الذين تتقارب مواقفهم مع مواقف هذه الحركة، سواء على الصعيدين السياسي والاجتماعي أو على صعيد موضوع تطبيق القانون وحقوق الإنسان، لكنهم، وعلى الرغم من ذلك، لا يصوتون إلى جانبها، فما هو السبب؟

·       إن السبب يعود إلى أن الجزء الأكبر منهم لا يزال أسير خرافة أن حزب العمل سينجح في جذب جماهير أحزاب الوسط واليمين إلى صفوفه، بفضل مواقفه الاجتماعية المترافقة مع قبوله بالاحتلال. صحيح أن هؤلاء الأشخاص يشعرون بالمرارة لدى رؤيتهم الكارثة التي تعيشها المناطق [المحتلة]، ولدى مشاهدتهم في اسرائيل ظواهر، مثل تدهور وضع الجهاز القضائي، والقضاء بالتدريج على استقلالية وسائل الإعلام، والاعتداءات المتكررة على حرية العمل الأكاديمي، لكنهم، وعلى الرغم من كل ذلك، لا يزالون يدلون بأصواتهم لمصلحة حزب العمل الذي لا يتفوه بكلمة واحدة  لا عن أعمال البناء في المستوطنات، ولا عما حدث في القناة العاشرة، ولا عن محاولة القضاء على القسم الأكاديمي في جامعة بن- غوريون.

·       لذا يمكن القول إن توجه زعامة حزب العمل في اتجاه اليمين هو خيانة ثقافية وأخلاقية. أمّا على الصعيد السياسي العملي فهو تعبير عن الغرق في الأوهام وخداع النفس. ويبدو أن شيلي يحيموفيتش لا تدرك أن حزب الليكود لن يتخلى عن سياسته الاقتصادية النيو- ليبرالية حتى عندما ستشارك هي في الحكومة، ذلك بأن أغلبية ناخبي هذا الحزب، وحتى اؤلئك الذين هم في أسفل السلم الاجتماعي، يدعمون هذه السياسة عبر تمسكهم بالأهداف القومية التي يرفعها اليمين.

·       فهؤلاء الأشخاص يصوتون لمصلحة حزب الليكود مع علمهم بأنهم يصوتون ضد مصلحتهم الاقتصادية الشخصية، ذلك بأنهم يتماهون مع السياسة العامة للنخبة اليمينية، أي سياسة السيطرة على الفلسطينيين، والبناء في القدس وفي المناطق، إذ إن هذه المسائل بالنسبة إليهم هي أهم من سعر الحليب، ومن سعر الفائدة على القروض. ويدرك الناخب العادي في الليكود جيداً أن الاستثمارات الهائلة في المناطق [المحتلة] تأتي على حساب الإسكان والطرقات والتعليم والصحة، لكنه يصدق ما يقوله زعماؤه من أن هذا الاستثمار الهائل هو من أجل استرجاع الحق التاريخي للشعب اليهودي في أرضه، إذ يرى فيه استثماراً حقيقياً للأجيال المقبلة، وهو مستعد في سبيل السيطرة على أرض إسرائيل الكاملة التخلي عن الدفاع عن مصالحه الحياتية. ويعرف هذا الناخب أيضاً مدى غلاء المعيشة واستفحال الفقر، لكنه يعتبر أن الوضع الكئيب الذي يعيشه هو ثمن إخلاصه للتاريخ اليهودي ولأمن الدولة.

·       لهذا السبب، لن يستطيع حزب العمل جذب أصوات اليمين، حتى بعد أن جعلت يحيموفيتش من هذا الحزب مجموعة ضغط سطحية، وحولته إلى ملحق باليمين الإسرائيلي، وتخلت عن النضال من أجل المستقبل. فحتى اليوم لم تفهم يحيموفيتش أن اليمين يفكر بطريقة مختلفة، وأنه نجح في إقناع أجزاء كبيرة من المجتمع الإسرائيلي بأن عليها التضحية برخائها الشخصي في سبيل المصلحة القومية.