· ألحقت العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قافلة السفن التركية [التي كانت متجهة إلى غزة] أضراراً كبيرة بمكانة إسرائيل في الحلبة الدولية، ويدرك حتى الذين أيدوا تلك العملية أنه يتعين على إسرائيل الآن أن تعمل على تجاوز آثارها. وفي رأينا، هناك موضوعان رئيسيان على الحكومة الإسرائيلية معالجتهما على الفور، وهما العلاقات الإسرائيلية ـ التركية، والعلاقات مع العناصر المعتدلة في العالم العربي.
· إن العلاقات الإسرائيلية ـ التركية آخذة في التدهور، في الأعوام الأخيرة، من سيئ إلى أسوأ، وهو تدهور ناجم أساساً عن تغير سياسة تركيا في الشرق الأوسط، وأسفر عن تحولها من حليف مهم للغرب وإسرائيل إلى لاعب يتطلع إلى التزام الحياد واتباع سياسة متوازنة. غير أن هذا التغير لا ينطوي حتماً على احتمال قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ولذا، فإن محاولة أصحاب القرار في إسرائيل إدراج تركيا في إطار "محور الشرّ" هي خطأ فادح.
· وعملياً، فإن تغير سياسة تركيا يُعتبر بالنسبة إلى إسرائيل فرصة لإسناد دور وسيط لها في العملية السياسية، سواء على الصعيد الثنائي مع الفلسطينيين ومع سورية، أو في إطار دفع مبادرة السلام العربية قدماً.
· وفي حال قيام إسرائيل بهذه الخطوة فإنها تضرب عصفورين بحجر واحد: فمن جهة، تضع حداً لسياسة تركيا الهجومية إزاءها، ومن جهة أخرى، تخفض حدّة التوتر في المسار الإسرائيلي ـ العربي، ذلك بأن استمرار تدهور العلاقات مع تركيا إلى درجة قطع العلاقات الدبلوماسية معها سيشكل عامل ضغط كبير على قيادتي كل من مصر والأردن كي تقطعا علاقاتهما الدبلوماسية مع إسرائيل.
· لقد كشفت حرب لبنان الثانية [في صيف سنة 2006]، على نحو واضح للغاية، أن لإسرائيل مصالح مشتركة مع عناصر مهمة في العالم العربي مثل السعودية ودول الخليج، فضلاً عن مصر والأردن، اللتين وقّعت معهما معاهدتي سلام. وتشمل هذا المصالح المشتركة مواجهة الخطر النووي الإيراني؛ صدّ الخطر الشيعي؛ محاربة تنظيمات "إرهابية" إسلامية مثل القاعدة وغيرها. لكن يبدو أن قافلة السفن التركية دقّت إسفيناً بين إسرائيل وبين الدول العربية المعتدلة.
· إن الطريق الوحيدة الآن لخفض التوتر مع هذه الدول كامنة في حدوث تقدّم في العملية السياسية. ويمكن القول إن حدوث تقدّم كهذا سيسفر لا عن إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه فحسب، بل أيضاً عن تحسين مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط وفي العالم أجمع.