هل أصبحت إسرائيل "جمهورية موز"؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      بدأت إسرائيل، في الأعوام الأخيرة، تتصرف كما لو أنها "جمهورية موز" تابعة للولايات المتحدة. فقد قامت مثلاً، قبل عشرة أعوام، بإلغاء صفقة تم توقيعها مع الصين وتقضي ببيع هذه الأخيرة طائرات من طراز فالكون، وذلك في إثر ضغوط مارستها الولايات المتحدة، الأمر الذي ألحق أضراراً كبيرة بالعلاقات بين إسرائيل والصين، وجعل القيادة الصينية تتوصل في حينه إلى استنتاج فحواه أن إسرائيل غير مستقلة فعلاً.

·      ويبدو أن هذا التصرف تفاقم أكثر فأكثر في الآونة الأخيرة بالتزامن مع تأليف حكومة بنيامين نتنياهو الثانية، ومع تسلم باراك أوباما مهمات منصبه في البيت الأبيض. فبعد الخطاب الذي ألقاه أوباما في جامعة القاهرة، أعلن نتنياهو، خلافاً لبرنامج حزبه خلال الانتخابات العامة، أنه يؤيد إقامة دولة فلسطينية. وفي وقت لاحق، اتخذت حكومته قراراً يقضي بتجميد أعمال البناء في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لعشرة أشهر. كما أن إهانة نتنياهو خلال زيارته لواشنطن أسفرت عن اتخاذ قرار أدى فعلاً إلى تجميد البناء في أجزاء من القدس الشرقية.

·      وفي الأسبوع الفائت قررت الحكومة الإسرائيلية، وبضغط من البيت الأبيض، إنشاء لجنة باشتراك مراقبين أجنبيين، لتقصي وقائع أحداث قافلة السفن التي كانت متوجهة إلى غزة. وقد أُعلنت تركيبة اللجنة بعد الموافقة عليها من جانب واشنطن، الأمر الذي يعتبر ذروة جديدة في خنوع إسرائيل للولايات المتحدة.

·      إن ما أقوله لا يعني أنه يجب الاستهتار بمسألة العلاقات الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة، التي تُعتبر عنصراً مهماً في سياسة إسرائيل الاستراتيجية، لكن لا بُد من الإشارة إلى أن هذه العلاقات ارتكزت، على مدار الأعوام، وأكثر من أي شيء آخر، على المُثل والقيم والمصالح المشتركة. في الوقت نفسه، من الواضح أن خضوع إسرائيل لمطالب الولايات المتحدة يضعف صورتها في نظر أعدائها وفي عواصم أوروبا وآسيا، فضلاً عن أنه يؤثر سلباً في نظرة الإسرائيليين إلى أنفسهم.

لقد قدمنا تضحيات كبيرة من أجل الفوز باستقلالنا، كما أننا اعتدنا أن تتولى قيادتنا التي تُنتخب بصورة ديمقراطية مسؤولية اتخاذ القرار في كل صغيرة وكبيرة، وبناء على ذلك، فإن قيام زعمائنا بإطاعة الأوامر الصادرة من الخارج تمس احترامنا لأنفسنا على نحو كبير.