· في الوقت الذي بدأ سكان غزة، أمس، أكل الكزبرة والحلاوة الطحينية والمربّى والمعكرونة، فإننا في إسرائيل بدأنا شرب العلقم. هذا ما يحدث عندما تتولى السلطة لدينا حكومة يمينية ذات ذراع تنفيذية يسارية، وتسفر كل عملية تقوم بها عن تدهورنا أكثر فأكثر نحو الحضيض، على صعيد صورتنا وقوتنا الردعية.
· ويمكن القول إنه لم يعد هناك في العالم كله دولة واحدة لا تعرف أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة، وأن رئيس حكومتها [بنيامين نتنياهو] هو أول من يخضع لـ "الإرهاب"، وأن قرارات حكومته تعزز قوة "حماس".
· لقد حاول نتنياهو، أمس، أن يقدّم إلى الرأي العام في إسرائيل تفسيره لقرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية القاضي برفع الحصار عن غزة، وكان أمامه احتمالان للقيام بذلك: الأول، أن يقول بشجاعة واستقامة أنه تجاوب مع قرار اتخذه الاتحاد الأوروبي ويقضي برفع الحصار، ولذا، فإنه يطلب من الأوروبيين إعلان أنه لم يعد هناك ضرورة لقوافل السفن الاحتجاجية، وان هذه القوافل لا تملك شرعية محاولة الوصول إلى غزة، وبذا، كنا على الأقل ربحنا شيئاً ما من هذه القصة كلها.
· لكنه اختار، بدلاً من ذلك، الاحتمال الثاني، وهو الادعاء أن رفع الحصار في الوقت الحالي هو خطوة صحيحة، وأن "هذه العملية من شأنها أن تسحب البساط من تحت الحجة الدعائية التي فحواها أن هناك أزمة إنسانية في غزة".
· ولا شك في أن أي إنسان عادي في إسرائيل سيطرح على الفور الأسئلة التالية: إذا كانت هذه الخطوة صحيحة فلماذا لم نقم بها قبل عام مثلاً؟ لماذا استمر الحصار على غزة ثلاثة أعوام؟ هل كان هناك حاجة إلى عملية فاشلة، مثل عملية السيطرة على قافلة السفن وما أسفرت عنه من ضغوط دولية مكثفة، كي تنجرّ إسرائيل إلى اتخاذ قرار لا ترغب فيه فعلاً؟
· بطبيعة الحال، يمكن لنتنياهو أن يدّعي ما يشاء، لكن لا يمكنه أن يتهرب من حقيقة أساسية واحدة، هي أن قرار رفع الحصار ليس جزءاً من عملية سياسية، فضلاً عن أنه يعزز القوى المتطرفة ويضعف القوى البراغماتية، ويشكل تهرّباً من حل مشكلة الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شاليط.
وعلى ما يبدو، فإن المخفي أعظم على الرغم من خطورة ما حدث حتى الآن، ذلك بأن الرباعية الدولية أعلنت أمس أن تخفيف الحصار غير كاف.