احتمالات اندلاع حرب في الصيف تبقى قائمة مع أن المخاوف العربية مبالغ فيها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       في هذه الأيام يحتفل لبنان بمناسبتين مهمتين ساهمتا كثيراً في تعزيز مكانته المستقلة، فقد صادفت أمس ذكرى مرور خمسة أعوام على انسحاب آخر جندي سوري من لبنان، وفي الشهر المقبل [أيار/مايو] سيجري الاحتفال بذكرى مرور عشرة أعوام على انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.

·       ومع ذلك فإن اللبنانيين خائفون للغاية، ولم يمر يوم واحد تقريباً، خلال الأسابيع القليلة الفائتة، من دون أن تُطرح فيه، إمّا في لبنان نفسه، وإمّا في وسائل الإعلام العربية، الخشية من أن تقوم إسرائيل بشنّ حرب على حزب الله في الصيف المقبل.

·       في الوقت نفسه، فإن دمشق متوترة هي أيضاً، ومنذ بداية العام الحالي، أقدم السوريون بضع مرات على رفع وخفض مستوى تأهب قواتهم وجهوزيتها، في ضوء تقديرات أشارت إلى احتمال قيام إسرائيل بشن حرب، ولا سيما في إثر سلسلة من التصريحات الصادرة في هذا الشأن عن مسؤولين كبار في إسرائيل بينهم الوزراء أفيغدور ليبرمان وإيهود باراك ويوسي بيلد. غير أن هذا التوتر انخفض في الآونة الأخيرة.

·       ولا شك في أن إسرائيل تواجه صعوبات كبيرة في تهدئة الأطراف العربية فيما يتعلق بخططها الحربية، ذلك بأن الشك في النيات الإسرائيلية هو السمة الغالبة على التعامل العربي مع إسرائيل، وثمة سوابق تدفعها إلى ذلك. ولعل أبرز هذه السوابق ما حدث في صيف سنة 2007، حين قامت كل من إسرائيل وسورية برفع مستوى جهوزيتهما، وازدادت التدريبات العسكرية على جانبي هضبة الجولان، وفي خضم ذلك أعلنت إسرائيل أنها لا تنوي شن هجوم عسكري، إلا إن سلاحها الجوي قام في نهاية الأمر، وفقاً لما نُشر في وسائل الإعلام الأجنبية، بقصف مفاعل نووي سوري في شمال شرق سورية.

·       إن تفحص الواقع في الفترة الحالية، والذي يستند، من جملة أشياء أخرى، إلى أحاديث أجريت مع مسؤولين رفيعي المستوى في الجيش الإسرائيلي، يشير إلى أن المخاوف العربية مبالغ فيها، غير أن احتمالات اندلاع حرب في الصيف المقبل تبقى قائمة.

·       في موازاة ذلك، فإن تحليل مصالح الأطراف كلها يؤدي إلى الاستنتاج أنه لا توجد مصلحة لدى أي طرف منها لخوض مواجهة عسكرية قريباً. فعلى الرغم من التقارير بشأن نقل الصواريخ من سورية إلى حزب الله، فإن إسرائيل امتنعت من مهاجمة قوافل الصواريخ. فبالنسبة إليها، فإن أكثر ما يشغلها في الوقت الحالي هو الخطر الإيراني الذي أصبحت معالجته رهن ما ستسفر عنه التطورات المتعلقة بمسألة فرض عقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي. والأمر المؤكد أيضاً هو أن سورية لا ترغب في المبادرة إلى حرب، في حين أن حزب الله، الذي يوشك على استكمال ترميم الأضرار التي لحقت به جرّاء الحرب في سنة 2006، يتعيّن عليه أن يفكر مرتين قبل المجازفة بجولة حربية أخرى. وحتى إيران تبدو الآن غير راغبة في حرب فورية، على الأقل ما دامت الأسرة الدولية لا تزال مترددة في فرض عقوبات قاسية عليها.

 

·       على الرغم من كل ذلك، فإن كل شيء يمكن أن يتغيّر، ذلك بأن موضوع تعاظم قوة حزب الله ما زال مدرجاّ في جدول أعمال إسرائيل. ويبدو أن صواريخ سكود لم تشكل نقطة تحوّل في نظرها، لكن حصول الحزب على صواريخ أكثر دقة من صواريخ سكود سيؤدي إلى ردة فعل إسرائيلية مغايرة عما حدث حتى الآن. وثمة سيناريو آخر متعلق بموضوع قيام حزب الله بالانتقام لمقتل مسؤوله العسكري عماد مغنية. ومما لا شك فيه، هو أن نجاح الحزب مثلاً في تفجير سفارة إسرائيلية أو في إسقاط طائرة أو في اغتيال مسؤول رفيع المستوى، سيلزم إسرائيل بردة فعل قاسية ستُوجه إلى لبنان، ومن شأن ذلك أن يسفر عن اندلاع حرب في الحدود الشمالية.