من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· يبدو أن وجود أشخاص مثل بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وموشيه يعلون وأفيغدور ليبرمان على رأس القيادة الإسرائيلية أدى إلى الكف عن تأييد إسرائيل بصورة شبه عمياء، من جانب معظم دول العالم الحرّ، كما كان عليه الحال في السابق.
· ولعل هذا أحد الأسباب المهمة، وإن لم يكن السبب الوحيد، الذي يقف وراء تأييد الإدارة الأميركية الحالية فرض رقابة دولية على المفاعل النووي في ديمونا، ووراء تأييد حلفاء إسرائيل في كل من واشنطن وباريس وبروكسل قيام جهات دولية بإجراء تحقيق يتعلق بعملية السيطرة على سفينة "مرمرة" التركية. وعلى ما يبدو، فإن هؤلاء جميعاً توصلوا إلى استنتاج فحواه أنه لا يمكن، بعد الآن، فسح المجال أمام إسرائيل كي تتصرف من دون رقابة ومن دون ضغوط، ذلك بأن عملية ممارسة الضغوط عليها هي التي تؤتي أكلها فقط.
· وقد برهنت إسرائيل صحة هذا الاستنتاج عندما أعلنت أنها على استعداد لتخفيف الحصار عن غزة، كي تحول دون إجراء تحقيق دولي [بشأن أحداث قافلة السفن إلى غزة].
· ومع ذلك، لا بُد من القول إن جذور المشكلة أعمق من ذلك كثيراً، وهي كامنة في حقيقة أنه منذ قيام إسرائيل حتى باحتلال بيروت ومهاجمة الجيش السوري في صيف سنة 1982 وصولاً إلى عملية "الرصاص المسبوك" في غزة [في شتاء سنة 2009]، فإنها تسعى لهدف استراتيجي واحد ووحيد هو الدفاع عن الأراضي التي احتلتها في إبان حرب الأيام الستة [حرب حزيران/ يونيو 1967]، الأمر الذي أسفر عن تعزيز الشعور [لدى العالم] بأن إسرائيل تعتبر نفسها قائمة من أجل الاستمرار في احتلال المناطق [المحتلة].
· بناء على ذلك، فإنه ما دامت إسرائيل تتهرب من حل الموضوع الفلسطيني، فإن رصيدها في العالم سيتقلص أكثر فأكثر. إن الرأي العام العالمي لم يعد يطيق، في الآونة الأخيرة، لا ممارسات الاحتلال فحسب، بما في ذلك السيطرة على الأحياء العربية في القدس، بل أيضاً تبريرات إسرائيل وثقتها المفرطة بما يتعلق بحقها في استمرار سلطة الأبارتهايد في المناطق [المحتلة].
· وفي الوقت الحالي، فإن فاتورة الحساب الذي تراكم علينا، بدأت تُقدَّم بالتدريج من أجل تسديدها، وبناء على ذلك، فإن إسرائيل تجد نفسها محشورة في الزاوية في كل ما يتعلق بقضاياها المصيرية. ولو كان لدينا رغبة حقيقية في إنهاء الوضع الكولونيالي في الضفة الغربية، من أجل أنفسنا لا من أجل إرضاء واشنطن، لكنا حصلنا على تأييد العالم الغربي لسياسة الغموض النووية، ولو أننا تصرفنا بصورة صادقة ولم نقم، في أي فرصة سانحة، بالكذب على الجميع وخداعهم، لما كنا نتعرّض الآن إلى هجوم شامل على احتلالنا المناطق [المحتلة].
· إن الصدقية هي سلاح مهم للغاية، لكن إسرائيل المتعامية عن التطورات الأخيرة في العالم تتنازل عنه بخفة ليست مفهومة مطلقاً، كما أنه بعد عملية "الرصاص المسبوك" لم يعد أحد يثق، بحق، بقدرتنا على إجراء تحقيق مع ذاتنا. في الوقت نفسه، يمكن القول إن إسرائيل لا تقوم بالتحقيق مع نفسها لأن معظم الشعب الإسرائيلي لا يرغب في النظر إلى نفسه في المرآة، ويفضّل أن يصدّق أن إسرائيل هي الضحية دائماً وأن العالم كله ضدها، ولذا، فإن أي مطلب بالتحقيق معها هو بمثابة عمل معادٍ للسامية. ربما يمكننا بذلك إسكات صوت الضمير، لكن ليس بناء مستقبل الدولة.