إسرائيل تتخذ قراراتها تحت وطأة "عقلية الحصار" المسيطرة عليها
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·      على إسرائيل أن تفحص نفسها جيداً، وأن تتساءل عن الأسباب الكامنة وراء انتهاء عملية السيطرة على قافلة السفن [التي كانت متجهة إلى غزة] بصورة مخجلة، فضلاً عن تسببها بإلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل، وذلك على الرغم من أنها استعدت لها على نحو جيد للغاية.

·      ثمة من ينظر إلى التأكل في مكانة إسرائيل الدولية، وإلى استمرار الواقع العنيف المحيط بها، باعتبارهما عنصرين رئيسيين في "عقلية الحصار" المسيطرة علينا، ولا بُد من أن أضيف إليهما عنصرين آخرين هما: ذاكرة المحرقة النازية، والخوف من الأخطار المصيرية التي تتهدد مواطني الدولة.

·      لكن، في الوقت نفسه، عليّ أن أؤكد أن قافلة السفن لا يمكن إدراجها في عداد مثل هذه الأخطار، حتى لو كان على متنها أناس عنيفون جداً، ولذا، يبدو لي أن ما حدث ناجم عن ازدياد اللامبالاة والتلقائية، اللتين يتسم بهما اتخاذ القرارات في إسرائيل، في ظل شعور عام بأننا معزولون كلياً في المعركة التي نخوضها.

·      إن عملية اتخاذ القرارات في إسرائيل تعكس المشاعر العامة وطريقة تفكير القادة في الجيش والحكومة. إن قرار السيطرة على قافلة السفن كان، أساساً، ناجماً عن شعور عبّر عنه مصدر عسكري إسرائيلي رفيع المستوى خلال حديث معي، قبل تنفيذ العملية، بالقول: "لا يهم ما الذي سنفعله، ومدى الحذر الذي سنلتزم به، ذلك بأن العالم كله سيقف ضدنا في الأحوال جميعاً، وستقوم الأمم المتحدة بإدانتنا. إن ما يتعين على إسرائيل فعله في ظل وضع كهذا هو الحفاظ على كرامتها الوطنية وعلى مبادئ الحصار البحري المفروض على غزة". وهذه الأقوال تعني شيئاً واحداً هو أن المعركة لكسب الرأي العام العالمي أصبحت وراءنا، وأننا مُنينا بالخسارة فيها.

·      لا شك في أن الشعور الناجم عن "عقلية الحصار"، والذي فحواه أن جميع "الأغيار" ضدنا، هو شعور راسخ لدى المجتمع الإسرائيلي منذ إقامة الدولة، إلا إنه بلغ ذروة جديدة خلال الأعوام القليلة الفائتة، ولم يعد منحصراً في الشرائح اليمينية فحسب، بل أصبح أيضاً عنصراً مركزياً في طريقة التفكير الإسرائيلية عموماً.

·      كذلك، فإن ما حدث في الساحة الدولية خلال العام الفائت ـ تقرير غولدستون وحملة الإدانة والغضب عقب عملية اغتيال [المسؤول العسكري في "حماس"] محمود المبحوح في دبي ومطالبة إسرائيل بالانضمام إلى معاهـدة حظر انتشار الأسلحة النووية ـ يفاقم الشعور العام الصعب الذي ينتاب أجزاء كبيرة جداً من المجتمع الإسرائيلي.

·      لكن "عقلية الحصار"، وما تسبّبه من تعب ولامبالاة، ينطويان على خطر كبير يتهدد إسرائيل، ولا سيما أنها لا تزال تواجه أخطاراً يومية وتهديدات بالقضاء عليها من جانب جهات غيبية تبذل كل ما في وسعها من أجل امتلاك قدرات نووية. ولعل ما يزيد الوضع خطورة هو أن إسرائيل تملك وسائل عسكرية لمعاقبة أعدائها، يمكن أن يؤدي بعضها إلى جعل الشرق الأوسط يسير في اتجاه لا تحمد عواقبه.