· في الفاتح من أيلول/ سبتمبر الفائت التقى [الرئيس الأميركي] باراك أوباما و[رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وكان ذلك عشية انتهاء فترة تجميد أعمال البناء في المستوطنات [في الضفة الغربية] وعشية انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي.
· ومع أنني لم أعرف بالضبط ما الذي دار بين الزعيمين داخل الغرفة المغلقة إلا إنه بالاعتماد على مصادر مطلعة متعددة يمكن القول إن الرسالة التي قام نتنياهو بتمريرها إلى أوباما في أثناء هذا اللقاء كانت ما يلي: "أنا على استعداد لإجراء مفاوضات مع [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس، وبإمكانك دعوة كل منّا إلى كامب ديفيد كي نجلس معاً ونتفاوض ونتوصل إلى قرارات مؤلمة، وفي نهاية الأمر نوقع اتفاق سلام إسرائيلي ـ فلسطيني يؤدي إلى اتفاق سلام إقليمي".
· لقد كان نتنياهو يهدف من وراء هذه الرسالة إلى إثارة انطباع جيّد لدى أوباما، وعلى ما يبدو فإن هذا هو ما حدث فعلاً. غير أن الرئيس الأميركي قام عقب هذا اللقاء بإجراء دراسة معمقة بشأن ما قاله نتنياهو وتوصل إلى استنتاج فحواه أن الأوضاع ليست ناضجة بما فيه الكفاية لعقد مؤتمر سلام آخر في كامب ديفيد، ومع ذلك فإن استعداد نتنياهو للمفاوضات وحماسته لمواجهة جذور النزاع تسببا بإثارة قدر كبير من التفاؤل لدى أوباما وجعلاه يعتقد أن رئيس الحكومة سيوافق على تمديد تجميد البناء الاستيطاني فترة أخرى.
من المعروف أنه لم يحدث شيء من هذا كله، ولذا فإن أوباما شعر بغضب شديد. وبطبيعة الحال فإنه لا يمكن لأي شخص أن يعرف من الآن كيف ستتصرف الإدارة الأميركية في العامين المقبلين المتبقيين لانتهاء ولايتها الحالية. لكن ما يمكن قوله هو أن هناك خيارين أمام إدارة أوباما فيما يتعلق بمستوى سياستها الخارجية: إمّا إهمال منطقة الشرق الأوسط، وإمّا بذل أقصى جهودها فيها كي يكون بإمكان رئيسها أن يدخل كتب التاريخ، لا سيما وأن الكونغرس الأميركي لا يتدخل كثيراً في شؤون السياسة الخارجية. وعلى الرغم من أن نتنياهو سيحظى في إثر النتائج التي أسفرت عنها انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي بتأييد زعماء الحزب الجمهوري إلا إن مصيره سيظل مرهوناً بأوباما، ذلك بأنه ما زال زعيم العالم الحرّ والحليف الوحيد لإسرائيل.