· في مطلع هذا الأسبوع وصلت المعارك في سورية إلى مشارف قصر بشار الأسد، كما أن جزءاً من ضواحي العاصمة دمشق بات واقعاً تحت سيطرة الثوار الذين استطاعوا أيضاً لفترات معينة إغلاق الطريق المؤدية إلى مطار دمشق الدولي، وهي الوسيلة الوحيدة التي بقيت للنظام السوري للاتصال بالعالم الخارجي.
· والآن يجد بشار الأسد نفسه محشوراً وظهره إلى الحائط، من هنا لم يكن مستغرباً ما يقال داخل سورية وخارجها بشأن نية الأسد استخدام السلاح الكيماوي كمسعى أخير للحؤول دون الإطاحة به. ويدل إسراع الرئيس الأميركي باراك أوباما شخصياً إلى تحذير الأسد من مغبة استخدام هذا السلاح على الجدية التي تتعامل فيها واشنطن مع هذه الإمكانية، كما يدل على التخوف الأميركي من نتائج حدوث ذلك.
· لقد بات توجه التطورات في سورية واضحاً، فالنار تزداد اتساعاً. صحيح أن هذا يجري ببطء وبالتدريج، إلاّ إنه يتم بصورة منهجية ومن دون توقف، ولم يعد في استطاعة الأسد القيام بشيء. لكن على الرغم من ذلك، فإن ما يجري هو توجه عام تسير سورية في اتجاهه، وهذا لا يعني أن نظام الأسد سيسقط حتماً خلال الساعات المقبلة، فهذا الأمر قد يستغرق أسابيع وربما أشهراً أخرى، ذلك بأن بشار الأسد ما زال يملك قاعدة مؤيدة له في المجتمع السوري، وما زالت أجهزة النظام تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
· ومن بين هذه الأجهزة، جهاز الإعلام السوري، وفي طليعته التلفزيون السوري الذي قام يوم أمس بنقل حي للمواجهات الدائرة في القاهرة بين مؤيدي الرئيس محمد مرسي والمعارضين له. والمعلوم أن دمشق تدعم بصورة علنية المعسكر العلماني في مصر الذي يقف في وجه محاولات مرسي الرامية إلى تعزيز سلطة الإخوان المسلمين على الدولة.
· في الواقع، ثمة خط مباشر يربط بين الأحداث في دمشق وتلك التي تجري في القاهرة. إذ إن الربيع العربي الذي شهدته الدولتان تضمن مرحلتين وصراعين، هما: النضال من أجل التحرير والحرية، ومن أجل الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية، سواء أكان نظام حسني مبارك أم نظام بشار الأسد.
· في مصر انتهت المرحلة الأولى من الربيع العربي خلال أيام معدودة مع الإطاحة بحسني مبارك. أمّا في سورية فإن النضال من أجل إسقاط الأسد ما زال في ذروته وما زالت نهايته بعيدة.
· بيد أن المرحلة الثانية من الربيع العربي لا تقل أهمية عن المرحلة الأولى، لأنها مرحلة الصراع على من سيملأ الفراغ الناشىء في إثر سقوط الحاكم الطاغية، وعلى التوجه والنهج الذي ستسير عليه الدولة والمجتمع، في كل من سورية ومصر على حد سواء.
· إن ما يجري الآن في مصر هو صراع بين التيار الإسلامي الذي يحاول فرض الإسلام على حياة الدولة والمجتمع، وبين الأوساط العلمانية المطالِبة بالتحرر والحرية ليس فقط من الحكام المستبدين، وإنما أيضاً من طغيان رجال الدين.
· تعيش مصر اليوم ذروة هذا الصراع، إذ يتخوف التيار العلماني في الدولة من أن يقوم مرسي، ممثل الإخوان المسلمين، بفرض الإسلام وحركته على الدولة.
· هذا هو الصراع الذي تشهده كل من مصر وسورية، وهو صراع من شأنه ألا يحدد فقط مستقبل الدولتين، بل أيضاً مستقبل المنطقة بأسرها.