من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· إن القصة الحقيقية وراء شن عملية "عمود السحاب" ما زالت مجهولة حتى الآن، لكن ما يمكن قوله إن قرار اغتيال أحمد الجعبري، الذي شكل الطلقة الأولى في هذه العملية، قد اتُخذ على الرغم من دخول هذا الأخير في مفاوضات بشأن توقيع اتفاق وقف إطلاق نار بعيد الأمد بين "حماس" وإسرائيل، إذ كان قد تلقى الجعبري قبل ساعات من اغتياله مسودة اتفاق دائم لوقف إطلاق نار، وكان، على ما يبدو، يعتزم الموافقة عليها، وذلك بعد أشهر من الاتصالات غير المباشرة التي جرت معه بواسطة نائب وزير خارجية "حماس" غازي حمد، وبعلم وزير الدفاع إيهود باراك وموافقته.
· فقد كان غرشون باسكين هو المسؤول عن المفاوضات من جانب إسرائيل، وهو الذي قام أيضاً بالوساطة في صفقة شاليط. وقد قدم باسكين تقارير عن سير عمله إلى اللجنة الخاصة التي تم تشكيلها منذ أيار/مايو الماضي لهذا الغرض وشملت ممثلين آخرين عن وزارات في الحكومة، والتي أشار فيها إلى أنه أحرز تقدماً وأنه بصدد التوصل إلى مسودة اتفاق.
· وهذا يعني أن متخذي القرارات في إسرائيل، بمن فيهم وزير الدفاع وبنيامين نتنياهو، كانوا على علم بالدور الذي يقوم به الجعبري من أجل الدفع قدماً باتفاق دائم لوقف النار. لقد كان الجعبري "الرجل القوي" في غزة و"المقاول الثانوي" لإسرائيل، وفق الوصف الذي أعطاه إياه ألوف بن [المحلل السياسي في الصحيفة]. كما كان هو الذي ينقل إليه غازي حمد المسودات التي أعدها باسكين للحصول على موافقته.
· وقد كان هناك مشاركون آخرون في المفاوضات بشأن اتفاق دائم لوقف إطلاق النار هم رجال الاستخبارات المصرية، إذ إن قسماً من الاجتماعات التي عقدها باسكين مع حمد جرت في القاهرة. وكانت الاستخبارات المصرية على صلة دائمة مع ممثلين عن إيهود باراك، وعلى الأرجح أنها نقلت إليهم انطباعاتها بشأن حصول تقدم في المحادثات في اتجاه التوصل إلى مسودة اتفاق. وطوال هذه الفترة لم يُطلب من باسكين وقف المفاوضات، لا بل أكثر من ذلك، فقبل أسبوع من اغتيال الجعبري طلبت مصادر عسكرية موافقة قياداتها من أجل الاجتماع بباسكين والحصول منه على معلومات جديدة، إلاّ إنها لم تحصل على هذه الموافقة.
· من هنا يمكن القول إن متخذي القرارات في إسرائيل كانوا يرون أن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مع حركة "حماس" في التوقيت الحالي ليس أمراً مرغوباً فيه من جانب إسرائيل، وإنما عليهم في الفترة الحالية مهاجمة الحركة. ويبدو أنه تم التوصل في وزارة الدفاع وفي ديوان رئاسة الحكومة إلى وجهة نظر تقول إن في مصلحة إسرائيل تعزيز قوة ردعها في مواجهة "حماس"، لا التوصل إلى اتفاق تهدئة، وإن مثل هذا الاتفاق من شأنه إضعاف هذا الردع والإضرار بصورة إسرائيل القوية، وإن تعزيز الردع يكون باغتيال الجعبري، الذي كان على وشك الموافقة على اقتراح وقف إطلاق نار طويل الأمد. وبهذه الطريقة تكون إسرائيل قد ضربت عصفورين بحجر واحد؛ اغتالت الرجل الذي كان في إمكانه التوصل إلى تسوية مع إسرائيل، وبعثت برسالة إلى "حماس" فحواها أن الحوار معها يكون بالقوة العسكرية فقط.
· لذا يتعين على الذين بادروا إلى شن عملية "عمود السحاب" الإجابة عن السؤال التالي: إذا كنتم تعلمون أنه كان في الإمكان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار (وقد كانت بنوده أفضل بكثير من تلك التي جرى التوصل إليها بعد العملية) من دون خوض الحرب، فلماذا قتلتم الجعبري وقضيتم على إمكان التوصل إلى تهدئة من دون الحاجة إلى استخدام القوة؟ فهل شعر باراك ونتنياهو بأنهما سيضيعان الفرصة للقيام بعمل عسكري في نهاية ولاية حكومتهما، ولذا أصدرا الأوامر باغتيال الجعبري؟