مقابلة مع عوزي أراد، رئيس مجلس الأمن القومي ومستشار رئيس الحكومة لشؤون الأمن القومي ]مقتطفات[
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

1 ـ الفلسطينيون

س ـ هل ترى أملاً بانتهاء الصراع [العربي - الإسرائيلي] خلال الأعوام القليلة المقبلة؟

ج ـ مما يؤسف له أننا لم ننجح حتى الآن في أن نجعل العرب يستوعبون في قرارة أنفسهم حقنا في الوجود. في بعض الأحيان، يكون الرفض العربي والإسلامي الاعترافَ بشرعية إسرائيل مكبوتاً وخافتاً،  وفي أحيان أخرى يكون حاداً وعنيفاً، إلا إنه يشمل الجميع. لم ألتق بعدُ شخصية عربية قادرة على القول بهدوء ووضوح أنها تقبل بحق إسرائيل في الوجود، بالمعنى التاريخي وفي أعماق الوعي. تبعاً لذلك، سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق إسرائيلي ـ فلسطيني حقيقي يلغي الجزء الأكبر من هذا الصراع، وأنا لا أرى أنه سيكون من الممكن، في الأعوام القليلة المقبلة، إيجاد ذلك الواقع المختلف الذي يرغب فيه العديد من الإسرائيليين.

س ـ هل ستقام دولة فلسطينية خلال فترة ولايتكما، أنت ونتنياهو؟

ج ـ هذه قصة مختلفة. لا أرى في صفوف الفلسطينيين عملية اقتراب حقيقي من قبول إسرائيل، والسلام معها. كما أنني لا أشاهد قيادة فلسطينية أو نظاماً فلسطينياً، وإنما مجموعة غير منظمة من القوى والفصائل. لكن ربما يأتي شخص ما ويقول: أريد أن أصنع حدثاً. أنا مهندس للأحداث. العمق لا يهمني، وأنا سأصنع حدثاً. وخلال ثلاثة أعوام ـ يتخللها بسرعة فائقة أربعة مؤتمرات على غرار أنابوليس، وعمليتا فك ارتباط، وألعاب نارية عالمية، يصبح هناك فجأة، في سنة 2015 دولة فلسطينية. طوابع بريدية، مواكب استعراضية، كرنفال. هذا الأمر يمكن أن يحدث. ستكون البنية هشة بالفعل. ترتيب يقف على أسس متهادية، لكنه يمكن أن يحدث. يمكن أن يكون هناك دولة فلسطينية.

س ـ هل ما تقوله هو أنه لن يكون هناك سلام حقيقي، لكن قد يكون هناك حدث سلمي من صنع أميركي على طريقة هوليوود؟

ج ـ كل من له عينان في رأسه يرى أن ثمة فشلاً في القيادة الفلسطينية. لا يوجد سادات فلسطيني، ولا مانديلا فلسطيني. أبو مازن ليس فظاً كعرفات، وليس متشدداً ومتطرفاً مثل "حماس". ويمكن أن يكون هناك أسوأ منه. لكني لا ألاحظ أن لديه اهتماماً أو رغبة في التوصل إلى نهاية للصراع مع إسرائيل. على العكس من ذلك، إنه يحافظ على المظالم الأبدية ضدنا، بل يعززها. فبعد أن يقدم له أولمرت كل شيء تقريباً، يقول إنه لا يزال هناك فجوات واسعة. وبعد ذلك يصل المرء إلى نتيجة فحواها أن هناك أفقاً يزداد انحساراً، فكلما تحركت إسرائيل في اتجاه الفلسطينيين، ابتعدوا. إنهم يفعلون ذلك لأنهم، حتى المعتدلين منهم، لا يريدون فعلاً التوصل إلى تسوية. وفي أحسن الأحوال، فإنهم يسعون جاهدين للتوصل إلى تسوية من أجل تجديد المواجهة من موقع أفضل.

س ـ هل ما تقوله هو أنه لا يوجد شريك فلسطيني للسلام؟

ج ـ في اللحظة الراهنة لا يوجد لدى الفلسطينيين قادة سلام حقيقيون. لكني لا أؤمن بالحتمية. لا أعتقد أن هذا جزءاً من التركيبة الجينية للفلسطينيين. أود أن أعتقد أن نوعاً مختلفاً من القيادة سينشأ مستقبلاً لدى الفلسطينيين، وآمل بأن يظهر فلسطيني يكون في وسعه أن يعترف بأن هناك قسطاً من العدالة في الجانب الإسرائيلي أيضاً. لكن في هذه اللحظة لا يوجد أحد.

 

2ـ سورية

س ـ هل يمكن أن يتحقق السلام مع سورية خلال فترة حكم نتنياهو؟

ج ـ هنا لدينا مشكلة مختلفة. أغلبية الحكومات في إسرائيل أصرت على أن إسرائيل ستبقى في هضبة الجولان. وهذا هو أيضاً موقف أغلبية الجمهور ومعظم أعضاء الكنيست. موقفنا هو أنه إذا كان سيتم التوصل إلى حل وسط إقليمي، فإن الحل سيكون تسوية تُبقي إسرائيل في هضبة الجولان، وفي عمق الجولان.

س ـ من وجهة نظركم، هل هذا هو الموقف السليم؟

ج ـ هذا يجب أن يكون جوهر التسوية. حل وسط في عمق هضبة الجولان.

س ـ هل يجب أن نصرّ على أن جزءاً كبيراً من هضبة الجولان سيبقى في أيدينا، حتى في وقت السلام؟

ج ـ  نعم.

س ـ لماذا؟

ج ـ لأسباب استراتيجية، وعسكرية، وأخرى متعلقة بالاستيطان. لحاجات متعلقة بالمياه، والمناظر الطبيعية، والنبيذ.

س ـ هل تقول بصورة لا لبس فيها: السلام ـ نعم، الجولان ـ كلا؟

ج ـ هذا صحيح.

س ـ ماذا عن "وديعة" يتسحاق رابين الذي تعهد بالانسحاب من هضبة الجولان؟

ج ـ لا يوجد شيء من هذا القبيل. في سنة 1996، طلب نتنياهو من (وزير الخارجية في عهد كلينتون) وارن كريستوفر إعادة الوديعة إلى إسرائيل، وهذا ما حدث. وقد تعهد كريستوفر في رسالته بأن الوديعة لم تعد سارية المفعول.

س ـ ماذا عن التنازلات التي قدمها نتنياهو نفسه في المفاوضات التي أجراها مع الرئيس حافظ الأسد في أواخر التسعينيات؟

ج ـ كان موقف نتنياهو هو أن إسرائيل يجب أن تبقى في هضبة الجولان على عمق بضعة أميال. وبضعة أميال تعادل مسافة أكبر بالكيلومترات. لو مددتَ خطاً من جبل الشيخ إلى الحمّة على عمق بضعة أميال، لرأيت أن هذا يترك لك مساحة كبيرة جداً من الجولان، من الجنوب إلى الشمال.

س ـ وهل هذا هو موقف الحكومة اليوم أيضاً؟

ج ـ موقف الحكومة هو أننا على استعداد لاستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، وهذا في الوقت الذي يدرك كل من الطرفين موقف الآخر. ومن المؤكد أن السوريين يدركون أن حكومة نتنياهو، والجمهور، في أغلبيته، لن ينسحبا من هضبة الجولان.

س ـ وهل سيوافق الأميركيون على ذلك؟ ألن يحاولوا فرض موقف مختلف عليكم؟

ج ـ في حين يبدي الأميركيون تصميماً في الموضوع الفلسطيني، ويقولون أنهم سيعملون بصورة حازمة، فإنهم لا يدلون بتصريحات كهذه فيما يتعلق بالموضوع السوري.

 

3ـ الولايات المتحدة

س ـ هناك انطباع بأن هناك خلافات عميقة في الرأي بين إسرائيل والولايات المتحدة: فإسرائيل تقول: إيران أولاً، ثم فلسطين، بينما تقول الولايات المتحدة: فلسطين أولاً، ثم إيران.

ج ـ كلا المحورين يحتاج إلى معالجة. لا يمكننا أن ندفن رؤوسنا في الرمال ونجمّد أحدهما من أجل التعامل مع الآخر. من وجهة نظر الأميركيين، فإن الإنجاز المطلوب في البعد الإسرائيلي ـ العربي هو إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. والإنجاز المطلوب في البعد الإيراني هو عدم السماح لإيران بامتلاك قدرة نووية تمكّنها من إنتاج أسلحة نووية. عندما تقول إسرائيل أنها تشعر بأن الحاجة إلى التعامل مع المشكلة الإيرانية هي أكثر إلحاحاً، فهي محقة تماماً في ذلك. أولاً، لأن صفة الإلحاح في هذا الموضوع لها أولوية عليا. وثانياً، لأننا إذا نجحنا هناك، فإن الأمر سيصبح أسهل هنا. وثالثاً، لأنه إذا لم ننجح هناك، فإننا لن ننجح هنا. وإذا أصبحت إيران دولة نووية، فكل ما سيمكن ربما تحقيقه مع الفلسطينيين ستجرفه موجة عارمة وسيذهب أدراج الرياح بين ليلة وضحاها.

س ـ إنك لم تتمكن من إقناع الأميركيين بذلك. ففي حين عيّنوا للقضية الفلسطينية مبعوثاً رفيع المستوى له حضور قوي وينخرط في نشاط مكثف، فإن لا شيء يحدث بالنسبة إلى القضية الإيرانية. ومن وجهة نظر واشنطن، فإن رام الله هي أكثر إلحاحاً من طهران، كما أن المستوطنات هي أكثر خطورة من أجهزة الطرد المركزي.

ج ـ ليس واضحاً من أين أتى التركيز على موضوع البؤر الاستيطانية غير القانونية. لعله يوجد هنا رمز ما. إرجع إلى سنة 2003، وإلى خطة خريطة الطريق التي يطري عليها الجميع. كان هناك وعد بمخطط سيقودنا إلى السعادة في ثلاث قفزات هينة وسلسة، لكن ما حدث منذ ذلك الحين هو أنهم حرقوا الطبخة. لقد قرروا تطبيق خطة الانفصال [عن قطاع غزة]، وسوّقوها بذرائع كاذبة وبطريقة عدوانية، وكانت النتيجة هي أن "حماس"، بعد سنة، أتت إلى السلطة، وبعد سنة أخرى، طردت "حماس" السلطة. وبدلاً من أن يفكك دحلان "حماس"، فككت "حماس" دحلان.

كنت أتوقع منهم [الأميركيين]، عندما يأتون بشكاوى ضدنا، ويحصون كل بيت أقيم في البؤر الاستيطانية منذ سنة 2003، أن يأتوا بشكاوى أيضاً ضد الفلسطينيين وأن يتطلعوا إلى ما جرى في غزة. لكن الفلسطينيين يحصلون على إعفاء من الديون. ولماذا كل هذا؟ لأن إسرائيل تصرفت بحماقة. لقد بنى دوف فايسغلاس (مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق أريئيل شارون) المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق بشكل جيد، لكنه أوجد كوارث في المرحلتين الثانية والثالثة. وقد فعل ذلك لأنه كان على يقين بأن المرحلة الأولى هي سد في وجه المراحل التالية. ثم جاءت خطة الانفصال التي قوضت خريطة الطريق على أرض الواقع. وجاءت عملية أنابوليس التي قوضت خريطة الطريق سياسياً. لقد عمل أولمرت وليفني على عكس منطق فايسغلاس، وقفزا مباشرة إلى المرحلة الثالثة. فما كان لدينا هنا هو سلسلة من الارتجالات النمطية على الطريقة الإسرائيلية. ومرة كل سنتين، كان المسؤولون الإسرائيليون يأتون بخطوة تتناقض تماماً مع الخطوة السابقة. والنتيجة، بالطبع، كانت الكارثة السياسية التي حذرنا منها، نتنياهو وأنا، مسبقاً. لقد ورثت حكومة نتنياهو من سابقتها أرضاً محروقة.

[.......]

 س ـ أليس التحالف بين (واشنطن) والقدس واهناً؟ ألا تشعر بأنه مثلما أنهى ديغول 15 عاماً من التحالف الفرنسي مع إسرائيل عقب حرب الجزائر، فإن أوباما سينهي 40 عاماً من التحالف الأميركي مع إسرائيل عقب حرب العراق؟

ج ـ على المخطِّط الحذِر أن يأخذ مثل هذه المخاوف أيضاً في الحسبان. لا يمكن للمرء أن يثق بأي شيء. ولدي أيضاً مخاوف من أن يتعرض الجيش الإسرائيلي يوماً ما للحظة من الضعف. ومثلما يجب الحرص على القوة الدفاعية وضمانها، يجب الحرص على أن يكون لإسرائيل دائماً سند عسكري وسياسي، على الأقل من جانب قوة عظمى واحدة. فمن جهة، علينا المحافظة على التحالف مع الولايات المتحدة وتوثيقه، لكن من جهة أخرى، يجب تنمية العلاقات مع أوروبا ومع القوى العظمى الصاعدة: البرازيل؛ روسيا؛ الصين؛ الهند. يجب أن نسعى أيضاً للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ولإقامة حلف دفاعي مع الولايات المتحدة. إذا كان سيتم التوصل إلى تسوية إسرائيلية ـ  فلسطينية ستؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، فإن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وإقامة حلف دفاعي مع الولايات المتحدة، يجب أن يكونا جزءاً من المقابل الذي ستحصل إسرائيل عليه. سيكون الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ضرورياً، وسيمنحنا ضمانة الأمن المتبادل، بل سيرفع مستوى قوتنا الردعية إذا تسلح الشرق الأوسط بأسلحة نووية.  وقد يكون الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، أو إقامة حلف دفاعي مع الولايات المتحدة، شرطاً للتسوية الإقليمية.

 

4 ـ إيران

س ـ مهمتك الرئيسية كمستشار للأمن القومي ستكون التعامل مع خطر امتلاك إيران السلاح النووي،  وتحوّل الشرق الأوسط إلى منطقة نووية. لكن على حد علمنا، فإن إيران اجتازت نقطة اللاعودة، وهي تملك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع أول قنبلة نووية.

ج ـ لقد تم تعريف نقطة اللاعودة على أنها النقطة التي تمتلك إيران فيها القدرة على إكمال دورة إنتاج الوقود النووي بقواها الذاتية؛ النقطة التي تمتلك فيها كل عناصر إنتاج المواد الانشطارية من دون الاعتماد على الخارج. إيران الآن بلغت هذه النقطة. لا أعرف ما إذا كانت تتحكم في كل التقنيات، إلا إنها، بصورة أو بأخرى، بلغت تلك النقطة. ومع ذلك، فإن تعبير اللاعودة مضلل. فحتى لو امتلكت إيران المواد الانشطارية لصنع قنبلة واحدة، فإن تلك المواد لا تزال بدرجة تخصيب منخفضة. وإذا أرادت إجراء تجربة نووية، فلن يكون لديها حتى قنبلة واحدة. وبالتالي، فإن إيران لا تزال دولة غير نووية، وهي ليست كذلك على الصعيد العملاني. لا يزال أمامها عقبات جدية، ولا يزال لدى المجتمع الدولي ما يكفي من الوقت لحملها على التوقف طواعية.

س ـ ومع ذلك، إذا نظرنا إلى الوراء، فإننا نرى هنا فشلاً هائلاً. لقد تم تحديد خط أحمر، وقد اجتازته إيران.

ج ـ لقد ورثت حكومة نتنياهو أرضاً محروقة. إن قصة غلعاد شاليط المأساوية والمؤلمة هي أحد الأمثلة على ذلك. إنها لم تُحل بأي طريقة، لا على هذا النحو ولا على ذاك. والشيء نفسه ينطبق على حرب لبنان الثانية، وعلى عملية "الرصاص المسبوك" (الحرب على غزة)، التي تسببت بتراجع كبير في مكانتنا السياسية، وخصوصاً في أوروبا. أنابوليس لم يقدنا إلى أي مكان، وكذلك الانفصال (عن قطاع غزة). لكن الأخطر من كل شيء هو تقدم ايران نحو امتلاك القدرات النووية. أنا لا أقول إنه لم يتم القيام بأي شيء، لكن حين يتبين، في اختبار النتائج، أن ايران تقترب من تحقيق هدفها، يصبح من الواضح أنه لم يتم القيام بما يكفي. وما تم القيام به جاء متأخراً جداً، وبطيئاً جداً، وضعيفاً جداً.

[.......]

 س ـ هل تزعم أنه حدث هنا تقصير سياسي هائل ؟

ج ـ حدث فشل فاضح. بين سنتَي 2003 و 2007، كان كبح إيران أسهل كثيراً. البرنامج النووي الإيراني كان أكثر تخلفاً، والقوة الأميركية كانت أكثر بأساً، وكانت قوى عظمى مختلفة تميل إلى التعاون، وكانت إيران أكثر حذراً وهشاشة. لكن بماذا انشغلنا في سنة 2005؟ بالانفصال (عن قطاع غزة). وبماذا انشغلنا في سنة 2007؟ بأنابوليس. حشدنا مواردنا الوطنية لتحركات فارغة. بدّدنا أرصدتنا السياسية على لا شيء [....]، ولو كرسناها لمنع إيران من الوصول إلى نقطة اللاعودة لما وصلتها.

س ـ والآن، هل أصبحت نقطة اللاعودة وراءنا؟

ج ـ نعم، بالمعنى التكنولوجي تم اجتيازها. إنني أرفض هذا المفهوم،  وأعتقد أن كبح إيران سيكون ممكناً عملياً. لكن الخط الذي كان يوصف بأنه "خط أحمر" بات وراءنا. إذا تطور التاريخ بصورة سيئة، فمن شأن الفشل أن يتحول إلى فشل ذي أبعاد تاريخية. إنني واثق بأن نتنياهو سيعرف كيف يتعامل مع الواقع الصعب الذي ورثه. إنه يدرك أن إيران هي أكبر تحدٍ في هذا العصر.

[.......]

س ـ هل تخشى أن تكون نتيجة الحوار الناعم بين الأميركيين وإيران مخيبة للآمال؟

ج ـ من دون شك.

س ـ إذاً، يبقى هناك ثلاثة احتمالات: قنبلة ]إيرانية[، أو قصف إيران، أو فرض حصار بحري عليها.

ج ـ أسمع من محللين أميركيين غير رسميين عن سيناريو فرض حصار بحري على إيران (Blockade). لا أحد يدخل أو يغادر. إيران دولة تعتمد كثيراً على استيراد المشتقات النفطية، وعلى تصدير النفط الخام. ولذا، فإن الحصار الفعال يمكن أن يهدد إيران بالإفلاس في غضون أشهر. وفي هذه الحالة، فإن إيران قد تستسلم، لكن يمكن أيضاً أن تقرر تحدّي محاصريها. وهنا تصبح الطريق إلى التصعيد قصيرة.

س ـ ما يعنيه هذا السيناريو هو أن الطريقة الوحيدة لمنع ايران من الحصول على القنبلة النووية هو فرض الحصار عليها.  

ج ـ هناك في الغرب من يفكرون فعلاً على هذا النحو. الاحتمال الوارد هو وضع الحكومة الإيرانية أمام معضلة: البرنامج النووي أو الازدهار، البرنامج النووي أو بقاء النظام. إذا كانت هذه هي المعضلة، فمن الجائز أن تصل طهران إلى استنتاج فحواه أن بقاء النظام هو أهم من البرنامج النووي.

س ـ ماذا سيفعل الغرب إذا لم يُفرَض حصار بحري على إيران، أو إذا فُرض حصار عليها وفشل؟ في هذه الحالة، ألن يكون هناك مفر من منعها من امتلاك القنبلة عن طريق قصفها؟

ج ـ ليس هناك من هو مولع بالقتال. هناك محللون استراتيجيون مستقلون، ممّن يقومون بتحليل الأوضاع، يرون أن على من يريد تسوية مع الإيرانيين أن يمتلك خياراً عسكرياً. وكلما كان الخيار العسكري ذا صدقية وملموساً، قلّت احتمالات اللجوء إليه. والذي لا يضع خياراً عسكرياً على الطاولة، ربما يصل إلى وضع يضطر فيه إلى استخدامه.

[.......]